في مال اليتيم ، يخرجها وليه. (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) اعلم أن العدل هو الميل ، يقال عدل عن الطريق إذا مال عنه ، وعدل إليه إذا مال إليه ، وسمي الميل إلى الحق عدلا كما سمي الميل عن الحق جورا.
(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٥٣)
قال تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) وهي أحكام الطريقة ، ولهذا خط رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطا ، وخط عن جنبتي ذلك الخط خطوطا ، فكان ذلك الخط شرعه ومنهاجه الذي بعث به ، وقيل له قل لأمتك تسلك عليه ، ولا تعدل عنه ، وكانت تلك الخطوط شرائع الأنبياء التي تقدمته ، والنواميس الحكمية الموضوعة ، ثم وضع يده على الخط وتلا : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) فأضافه إليه ، ولم يقل صراط الله ، ووصفه بالاستقامة ، وما تعرض لنعت تلك الخطوط بل سكت عنها ، فهو شرع خاص ، ثم قال : (فَاتَّبِعُوهُ) الضمير يعود على صراطه (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) يعني شرائع من تقدمه ومناهجهم ، فإنه أشار إلى تلك الخطوط التي خطها على يمين الخط ويساره من حيث ما هي شرائع لهم ، إلا إن وجد حكم منها في شرعي فاتبعوه من حيث ما هو شرع لنا لا من حيث ما كان شرعا لهم (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) يعني تلك الشرائع عن سبيله التي لكم فيها السعادة ، وهي الطريق الذي جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم ، وإلا فالسبل كلها إليه ، لأن الله منته كل سبيل ، فإليه يرجع الأمر كله ، ولكن ما كل من رجع إليه سعد ، فسبيل السعادة هي المشروعة ، ولذلك لم يقل عن سبيل الله ، لأن الكل سبيل الله ، إذ كان الله غايتها. (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) فجعل هذا التعريف وصية ليعمل بها (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي تتخذون تلك السبيل وقاية ، تحول بينكم وبين المشي على غيره من السبل ، فهذا يدلك أن الشريعة هي المحجة البيضاء ، محجة السعداء ، وطريق السعادة ، من مشى عليها نجا ، ومن تركها هلك ، فإن السبل المشروعة ، الحكم فيها مجموعة ، فمن احترمها وأقامها أعطته ما فيها ، وأتحفته بمعانيها ، فكان علّامة الزمان ، مجهولا في الأكوان ، معلوما للواحد الرحمن ، على أن الرسل لما طرقت السبل وسهلت حزنها ، وذللت صعبها ، وأزالت غمها وحزنها ، أخبرت أن دين الله في