(١٠) سورة يونس مكيّة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١) أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ) (٢)
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) وهم أهل السعادة (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي سابق عناية عند ربهم في علم الله ، وصحت لهم هذه القدم قبل كونهم حيث لا قبل في علم الله ، خصوصية منه جل علاه لهم ، وهي الرحمة التي كتبها على نفسه ، وقدم الصدق هذه تعطي ثبوت أهل الجنات في جناتهم ، ولهذا قال في أهل الجنان عطاء غير مجذوذ ، فما وصفه بالانقطاع ، فقال تعالى : (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي سابقة بأمر قد أعلمهم به قبل أن يعطيهم ذلك ، ثم أعطاهم فصدق فيما وعدهم به ، واعلم أن من المتشابه صفة القدم ، فإنه ثبت في الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة قدمه ، فتقول قط قط وعزتك] وقد مهدنا أن الصورة المنسوبة إلى الله تعالى هي ظلل غمام الشريعة ، وأن وجهه منها هو بارق نور التوحيد ، ومظهره الإخلاص ، وعلى هذا فالقدم هي نور الإيمان ، ومظهره الصدق ، وهذا هو القدم الذي تستغيث النار من نوره كما جاء في حديث أبي سمية ، قال : سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن الورود ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [الورود الدخول ، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها ، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما ، كما كانت على إبراهيم ، حتى إن للنار ضجيجا من بردهم] وفي حديث يعلى رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم [إن النار لتنادي جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي] أخرجهما