غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) (٨٠)
يقول لوط عليهالسلام لقومه : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) أي همة فعالة ، فمن كان الحق قواه فلا همة تفعل فعل من هذه صفته ، لكن الأمر لا يكون إلا ما سبق به الكتاب ، وهو عليهالسلام من أعلم الناس بالله ، ويعلم أنه ما يكون إلا ما سبق به الكتاب ، ولا كتب تعالى إلا ما علم ، وما علم إلا ما هو المعلوم عليه ، فلا تبديل لكلمات الله ، وما يبدل القول لديه ، وما هو بظلام للعبيد ، فلا يقع إلا ما هو الأمر عليه ، ولو حرف امتناع لامتناع ، فأراد بالقوة إظهار الأثر الذي جاء به ، وهو شريعته فيهم ، ثم قال (أَوْ) وهي أداة أعطته ما عليه الإمكان ، فقال (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) فأراد بالركن الشديد ـ إذ لم يتمكن الأثر فيهم ـ أن يحمي نفسه عنهم حتى لا يؤثروا فيه ، فلهذا صلىاللهعليهوسلم ذكر الأمرين القوة والإيواء ، ولا شك أن الرسل عليهمالسلام أعلم الناس بالله ، فلا يأوون إلا إلى الله ، فآوى إلى من يفعل ما يريد ولا اختيار في إرادته ولا رجوع عن علمه ، فآوى إلى من لا تبديل لديه ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم : [يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد] يعني بذلك إيواءه إلى الله ، والاستناد إلى القوي حمى لا ينتهك ، فيرجع طالب انتهاكه خاسرا ، لذلك اشتدت العقوبة على قوم لوط ، وإن كان يحتمل من قول لوط عليهالسلام (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) يريد القبيلة ، لأني لا أستطيع الانتقال من الركن الإلهي إلى الركن الكوني ، وقد شهد له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك فقال : [يرحم الله أخي لوطا ، فقد كان يأوي إلى ركن شديد] ، أتراه صلىاللهعليهوسلم أكذبه؟ حاشى لله ، وإن كان الركن الشديد الذي أراده لوط ، هو القبيلة ،