فقد يأتى المترجم من أول الأمر فيفهم المعنى من اللفظ ثم يعبر عنه بلفظ آخر من لغة أخرى يدل عليه ، وقد يفهم الآية جملة ويعبر عنها بألفاظ أخرى أجنبية تؤدى هذا المعنى ، وقد يأتى لأحد التفاسير المعروفة فيترجمه إلى لغة أخرى.
خواص الترجمة وشروطها (١٧) : للترجمة خواص وشروط لا بدّ وأن تتوفر فيها وتتسم بها ، ومن أبرزها :
١ ـ لا بدّ من وفائها بمعانى الأصل جميعها ومقاصده على وجه مرض.
٢ ـ أن تكون صيغتها مستقلة عن الأصل ، بحيث يمكن الاستغناء بها عنه.
٣ ـ معرفة المترجم لأوضاع اللغتين : لغة الأصل ولغة الترجمة ، وكذا معرفته لأساليبها وخصائصها.
وتفترق الترجمة عن التفسير بفروق أبرزها (١٨) :
١ ـ استقلال الترجمة عن الأصل وحلولها محله ، خلافا للتفسير.
٢ ـ الترجمة لا استطراد فيها ، خلافا للتفسير كما لا يخفى.
٣ ـ الترجمة لا بدّ وأن تفى بالغرض كاملا خلافا للتفسير ، فيكتفى فيه بمجرد الإيضاح.
٤ ـ كمال الاطمئنان بالترجمة ، خلافا للتفسير ؛ لاحتمال الإيجاز فيه ، والتفسير بطبيعته قائمة فيه الاحتمالات.
تتمة (١٩) :
تجدر الإشارة إلى أن الترجمة لا بدّ وأن يراعى فيها الإحاطة بمعانى الأصل المترجم كلها.
والقرآن الكريم ـ فضلا عن الكلام مطلقا ـ لا بدّ وأن يحتوى على ضربين من المعانى ، هما : المعانى الأولية ، والمعانى الثانوية ، أو المعانى الأصلية ، والمعانى التابعة.
فالمعنى الأولى لأى كلام بليغ ، هو : ما يستفاد من هذا الكلام ومن أى صيغة تؤديه سواه ، ولو كان ذلك بلغة أخرى ، ففي قولنا :
«حاتم جواد» حكمنا بالجود على حاتم ، ونسبة الجود لحاتم معنى أولى يمكن أن نعبر عنه بأى صيغة.
وسمى معنى أوليّا ؛ لأنه أول ما يفهم من اللفظ ، وأصليّا ؛ لأنه ثابت ثبات الأصول لا يختلف باختلاف المتكلمين ولا المخاطبين ولا لغات التخاطب.
أما المعنى الثانوى أو التابع ، فهو :
ما يستفاد من الكلام زائدا على معناه الأولى.
وسمى ثانويا ؛ لأنه متأخر فى فهمه عن ذلك ، وسمى تابعا ؛ لأنه أشبه بقيد فيه ، والقيد تابع للمقيد ، أو لأنه يتغير بتغير