والقربى : القرابة. والقربى : الدنو فى النسب ، تقول : بينى وبينه قرابة وقربى.
والقربى : فى الرحم خاصة (٩٢).
ومعنى الآية : قل يا محمد لقومك : لا أطلب منكم أجرا على تبليغ الرسالة والنصح لكم ما لا تعطونيه ، إنما أطلب منكم : أن تكفّوا شركم عنى ، وتذرونى أبلغ رسالات ربى ، فإن لم تنصرونى ، فلا تؤذونى ، بما بينى وبينكم من القرابة ، وقيل : إلا أن تودونى فى قرابتى منكم. وذلك فى الحقيقة ليس أجرا ؛ لأن حصول المودة بين المسلمين أمر واجب ، ولا سيما فى حق الأقارب.
ويلاحظ : أن عبارة (المودة فى القربى) أبلغ من «مودة القربى» وكذلك أبلغ من «المودة للقربى» حيث جعلت القربى فى العبارة مكانا للمودة ، ومقرا لها (٩٣).
قال المفسرون : وفى تفسير (المودة فى القربى) أربعة أقوال :
الأول : مراعاة القرابة ، وعدم الإيذاء أى :
لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودونى لقرابتى منكم ، فإن لم تنصرونى فاحفظوا حق القربى ولا تؤذونى. قال ذلك : ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، وأبو مالك ، والشعبى ، وغيرهم. قال الشعبى : أكثر الناس علينا فى هذه الآية ، فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عن ذلك فأجاب بأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان واسطة النسب فى قريش ، ليس بطن من بطونهم إلا وقد كان بينهم وبينه قرابة ، فقال الله : قل لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجرا إلا أن تودّونى لقرابتى منكم ، يعنى : أنكم قومى ، وأحق من أجابنى وأطاعنى ، فإذ قد أبيتم ذلك فاحفظوا حق القربى ، ولا تؤذونى ، ولا تهيجوا علىّ.
الثانى : مودة أقاربكم أى : لا أسألكم عليه أجرا إلا مودّة أقاربكم ، وصلة أرحامكم. روى الكعبى عن ابن عباس : أن النبى صلىاللهعليهوسلم ، كانت تنوبه نوائب وحقوق ، وليس فى يده سعة.
فقال الأنصار : إن هذا الرجل قد هداكم الله على يده ، وهو ابن اختكم ، وجاركم فى بلدكم ، فاجمعوا له طائفة من أموالكم ؛ ففعلوا ، ثم أتوه ، فرده عليهم ، ونزلت الآية بحثّهم على مودة أقاربهم ، وصلة أرحامهم.
الثالث : القرب من الله ، عن الحسن ... لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تتوددوا إلى الله ، وتتقربوا إليه بالطاعة ، والعمل الصالح.
الرابع : المودة فى قرابتى وأهل بيتى ، عن سعيد بن جبير : لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوا قرابتى وأهل بيتى. عن ابن عباس : لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين نودهم؟ قال : «على وفاطمة وأبناؤهما».