وقصة هذا الموضع ـ حسب رواية الإمام البخارى ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أن موسى ـ عليهالسلام ـ قام خطيبا فى بنى إسرائيل ، وفى رواية : حتى إذا فاضت العيون ، ورقت القلوب ـ فسئل : أى الناس أعلم؟ فقال : أنا ، فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه ، فأوحى الله إليه : إن لى عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك ، قال موسى : يا رب فكيف لى به؟
قال : تأخذ معك حوتا فتجعله فى مكتل ، فحيثما فقدت الحوت فهو ثمّ ...» الحديث (٨٣).
وقد اختلف فى تحديد هذين البحرين على النحو التالى :
١ ـ فروى عبد الرزاق عن معمر ، عن قتادة ، قال : بحر فارس وبحر الروم.
٢ ـ وروى ابن أبى حاتم من طريق السدى ، قال : هما نهرا الكرّ ، والرّسّ ؛ بإرمينية ؛ حيث يصبان فى البحر.
٣ ـ وقال ابن عطية : مجمع البحرين ، ذراع فى أرض فارس ، من جهة أذربيجان ، يخرج من البحر المحيط ، من شماليه إلى جنوبيه ، وطرفيه مما يلى برّ الشام.
٤ ـ وقيل : هما بحر الأردن ، وبحر القلزم.
٥ ـ وقال محمد بن كعب القرظى : مجمع البحرين بطنجة.
يقول الأستاذ / سعيد حوى : والمجامع كثيرة ، فعندك : مجمع البحر الأحمر بالمحيط الهندى ، ومجمع النيل مع البحر الأبيض ، ولا ندرى بالضبط ، إذا كان المجمع واحدا من هذه ، أو مجمعا آخر يلتقى فيه ماء خليج بماء بحر ، أو ماء نهر كبير كشط العرب ببحر كالخليج ، والمهم أنه فى مجمع من مجامع بحرين حدث الذى حدث مع موسى عليهالسلام وفتاه.
ويقول صاحب «الظلال» : والقرآن لا يحدد المكان الذى وقعت فيه ـ هذه القصة ـ بأنه «مجمع البحرين» والأرجح ـ والله أعلم ـ أنه «مجمع البحرين» : بحر الروم ، وبحر القلزم أى : البحر الأبيض والبحر الأحمر ، ومجمعهما : مكان التقائهما ، فى منطقة البحيرات المرة ، وبحيرة التمساح ، أو أنه :
مجمع خليجى العقبة والسويس فى البحر الأحمر ، فهذه المنطقة كانت مسرح تاريخ بنى إسرائيل بعد خروجهم من مصر ، ثم يقول :
وعلى أىّ ... فقد تركها القرآن مجملة ، فنكتفى بهذه الإشارة.
أما الإمام الفخر الرازى فيقول ، ونحن معه : «ومجمع البحرين» هو : المكان الذى وعد فيه موسى بلقاء الخضر ـ عليهماالسلام ، وليس فى لفظ الآية القرآنية ـ المذكورة ـ ما يدل على تعيين هذين البحرين ، فإن صح ـ بالخبر الصحيح ـ شىء فذاك ، وإلا فالأولى