الصخرى من القشرة الأرضية التى نعيش عليها ، كما فى قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) (٢٩) ، أو تدل على خاصية مميزة فى الأرض تستحق التأمل والتفكر لأهميتها فى حياة الإنسان ، وباعتبارها من دلائل القدرة الإلهية على الخلق والإبداع ، كما فى قوله تعالى :
(وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) (٣٠).
و «الصدع» Fault فى اللغة العربية يعنى الشق ، وكمصطلح علمى يطلق على أى كسر فى الأرض تتحرك على مستواه من الجانبين كتل الصخور ، وهو ينشأ من تصدّع (أى تكسّر أو تشقق) الصخور بقوة الضغط أو الشد.
ويرى العلماء المفسرون أن آية (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) توضح صفة هامة لقشرة الأرض وطبيعتها التى يتوقف عليها كثير من التغيرات التى تطرأ على سطحها ، وهى قابليتها للتشقق والتصدع. ويقسم الحق تبارك وتعالى بهذه الصفة للأرض لبيان أهميتها والحث على معرفة حكمتها.
فهم الأولون من هذا الوصف القرآنى للأرض بأنها (ذاتِ الصَّدْعِ) معنى انصداعها (أى انشقاقها) بعد ارتوائها بالمطر ليخرج منها مختلف صور النبات وما تحمله تلك النباتات من خيرات وثمار لولاها لم تستقم الحياة على الأرض. كما أن الأرض أيضا ذات الصدوع التى ساعدت على وجود منافذ فى القشرة الأرضية لخروج المياه الجوفية والغاز الطبيعى والبترول إلى سطحها. كذلك تعتبر الشقوق (أو الصدوع الأخرى) فى وجه الأرض الرقيق وسيلة من وسائل تهوية التربة وتجديد خصوبتها.
ويلقى علم الجيولوجيا الحديث بعض الضوء على أسرار القسم الإلهى بالأرض ذات الصدع ، فيكتشف العلماء فى أواخر الستينات من القرن العشرين أن الغلاف الصخرى للقشرة الأرضية ممزق بشبكة من الصدوع الطولية والعرضية الممتدة لمئات الآلاف من الكيلومترات ، مقسمة على ١٢ (اثنى عشر) لوحا كبيرا وعدد من الألواح أو الصفائح Plates الصغيرة ، وأن تلك الصدوع تنتشر أكثر ما تنتشر فى قيعان البحار والمحيطات ، وأنها توجد أيضا فى القارات بنسبة أقل ، ويزيد عمقها عن ١٠٠ كيلومتر (وهو متوسط سمك الغلاف الصخرى للأرض).
وقد ثبت بالملاحظة المباشرة وغير المباشرة أن تلك الكتل الصخرية الضخمة ، التى تعرف باسم «ألواح الغلاف الصخرى» ، تطفو فوق نطاق من الصخور شبه المنصهرة يسمى «نطاق الوهن (الضعف) الأرضى» ، وتتميز مادته بكثافة أعلى من كثافة الألواح