* ضوابط (منهج) البحث فى الإعجاز العلمى للقرآن الكريم :
إذا كانت قضية الربط بين القرآن والعلم تتعرض لنقد لاذع بسبب إفراط بعض المتحمسين ، أو تفريط البعض الآخر من الرافضين والمعارضين ، وأمام الحاجة الماسة إلى هذا النوع من الدراسات القرآنية لتنشيط حركة الدعوة الإسلامية المعاصرة ، فإنه أصبح ضروريا أن يكون للبحث فى مجال الإعجاز العلمى للقرآن منهاج ، وأن يوضع للمجتهد ضوابط وشروط ، وأن ينبّه إلى مزالق الخطأ وموارد الزلل وكبوات الاجتهاد.
ويمكن إيجاز الإطار العام الذى توصل إليه الباحثون لترشيد البحث فى مجال الإعجاز العلمى للقرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة فيما يلى :
١ ـ علم الله هو العلم الشامل المحيط الذى لا يعتريه خطأ ولا يشوبه نقص ، وعلم الإنسان محدود ، يقبل الازدياد ، ومعرّض للخطأ. ولقد نزلت نصوص الوحى بألفاظ جامعة تحيط بكل المعانى الصحيحة فى مواضيعها التى قد تتتابع فى ظهورها جيلا بعد جيل. وإذا جمعت نصوص الكتاب ، والسنة الصحيحة ، وجدت بعضها يكمل بعضها الآخر ، فتنجلى بها الحقيقة ، مع أن هذه النصوص قد نزلت مفرقة فى الزمن ، وفى مواضيعها من القرآن الكريم ، وهذا لا يكون إلا من عند الله الواحد الذى يعلم السر فى السموات والأرض ، ومن ثم فإنه لا يوجد تعارض بين نصوص الوحى القاطعة التى تصف الكون وأسراره ، على كثرتها ، وبين الحقائق العلمية المكتشفة ، على وفرتها.
٢ ـ الحقيقة العلمية التى يعرف رجال العلم معناها وحدودها لا تبطل مع الزمن ، ولكنها قد تزداد مع جهود العلماء المتتابعة تفصيلا ووضوحا وجلاء. كل ما فى الأمر أن القوانين العلمية تعبر عادة عن حقائق علمية محدودة ، وليس من الصواب أبدا أنه تعتبر هذه الحقائق الجزئية دليلا على قصور العلم أو منقصة فيه ، فطبيعة المعرفة العلمية تتميز بالنمو المطرد فى اكتشاف القوانين التى تلقى الضوء شيئا فشيئا على حقائق الواقع الثابت فى الكون بعد أن أشارت إليها آيات من القرآن العظيم.
٣ ـ يجب التّقيد بما تدل عليه اللغة العربية ، فلا بد من :
(أ) أن تراعى معانى المفردات كما كانت فى اللغة إبّان نزول الوحى ، ويراعى كذلك فقه استعمالها.
(ب) أن تراعى القواعد النحوية ودلالاتها.