(أ) كقوله تعالى : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) الأعراف : ٦ ، وقوله جل شأنه : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) الصافات ٢٤. مع قوله جل وعلا : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) المؤمنون : ١٠١ ، وقوله سبحانه : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) الرحمن : ٣٩.
فباعتبار الموضوع يكون المعنى فى الآية الأولى : فلنسألنهم عن التوحيد وتصديق الرسل ، ولنسألن المرسلين عن أحوال أممهم معهم فى شأن ما جاءوا به من ربهم.
ويكون المعنى فى الآية الثانية : إنهم مسئولون عما كانوا يعبدون ، وهذا المعنى قريب من الأول ؛ لأنه يستلزم سؤالهم عن أحوالهم مع المرسلين الذين دعوهم إلى التوحيد الخالص فأعرضوا وكذبوا.
وأما الثالثة فمعناها : لا يتساءلون بالأرحام كما كانوا يفعلون فى الدنيا.
وأما الرابعة فمعناها : أنهم لا يسألون عن ذنوبهم ؛ لأن الله حفظها عليهم ، وكتبتها عليهم الملائكة ؛ فهى كقوله تعالى : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (الآية : ٧٨ سورة القصص) هذا باعتبار الموضوع.
أما باعتبار الموضع ، فهم فى موضع يسألون وفى موضع لا يسألون ؛ فيوم القيامة طويل ـ كان مقداره فى علم الله خمسين ألف سنة ؛ فإنهم حين يعرضون يسألون ويحاسبون ، فإذا انتهى الحساب ذهب فريق إلى الجنة وذهب فريق إلى السعير.
وقيل : (إن السؤال المثبت سؤال تبكيت وتوبيخ ، والمنفى سؤال المعذرة وبيان الحجة) قاله السيوطى فى «الإتقان» ، وهو يرجع إلى اختلاف الموضوع والموضع معا.
فالله ـ عزوجل ـ لا يسألهم سؤال إخبار ؛ فهو أعلم بهم من أنفسهم ؛ فتعين أن يكون السؤال نوعا من التعذيب.
وهذا السؤال له موضع أو مواضع يكون فيها مثبتا ومواضع أخرى يكون منفيا :
(ب) مثل قوله تعالى فى سورة البقرة آية ١٧٤ : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مع قوله ـ سبحانه ـ فى سورة الحجر : ٩٢ ـ ٩٣ :
(فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) فالمنفى كلام التلطف والإكرام ، والمثبت سؤال التوبيخ والإهانة.
الثالث من الأسباب : اختلاف جهتى الفعل :
(أ) كقوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) الآية ٧ من سورة الأنفال.