معناها ، وليس المراد منه قصر الحكم على سببه الخاص.
(د) أنه يترتب على القول بعموم اللفظ :
جواز إخراج صورة السبب من اللفظ العام إذا ورد ما يخصصه لأنه حينئذ كأى فرد من أفراده ، وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز إخراج صورة السبب من العام فى هذه الحالة فدل ذلك على أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
ويجاب عن ذلك : بأن عدم جواز إخراج صورة السبب بما ورد من التخصيص إنما هو لمزية فى صورة السبب ليست فى سائر الأفراد ، وهى مع ذلك تدخل دخولا أوليا ، وقد عولج ذلك بالتفصيل فى بيان فوائد معرفة أسباب النزول.
(ه) أنه يترتب على القول بعموم اللفظ :
عدم مطابقة اللفظ العام الذى هو بمنزلة الجواب للسبب الذى هو بمنزلة السؤال ، لأن السبب خاص واللفظ عام ، فلا تطابق بينهما ، مع أن التطابق فى مثل ذلك ضرورى ، انطلاقا من قواعد البلاغة ، وإذا لم يتحقق هذا التطابق يكون مخلا ببلاغة القرآن ، وهو عندئذ نقص يتنزه عنه القرآن الكريم.
والجواب على ذلك : أن التطابق المنشود يتحقق فى حالة عموم اللفظ ، لأنه يتضمن بيان حكم السبب الخاص ، وهذا قدر متيقن ، ويزيد عليه بيان حكم ما يشابهه ، ولا يخل بأعلى مراتب البلاغة أن يكون اللفظ العام جوابا شاملا للسبب ولغيره ، بل إن هذه مزية ، لأنها فائدة زائدة ترفع من شأن الكلام ، وتزيد من قيمته.
وحيث زالت هذه المحاذير بما لا تكلف فيه : فإنه لا يبقى لهؤلاء دليل على رأيهم ، وتبقى أدلة الجمهور سالمة ناطقة بصواب ما ذهبوا إليه ، وهو أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وإذا كان لهذا الخلاف من ثمرة : فإن الثمرة تنحصر فى تحديد مأخذ الحكم فى غير صورة السبب الخاص وهى ـ كما قدمنا ـ مندرجة تحت الحكم قطعا ، ولكن جماهير العلماء يرون مأخذ الحكم فيها بطريق النص نفسه بينما يرى البعض مأخذه بطريق القياس ، فالحكم فى غير صورة السبب قائم فى كلتا الحالتين على دليل شرعى (٥٨).