* المكانية من صور المجاز العقلى إسناد الفعل أو ما فى معناه إلى المكان الذى حدث فيه الفعل ، ومثاله من القرآن الكريم قوله تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ... يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) (٥)
هذان مجازان عقليان أحدهما فى إسناد الإخراج إلى الأرض ، والفاعل الحقيقى هو الله. أما الأرض فهى مكان الفعل وليست فاعله ، والذى سوّغ أن تكون الأرض فاعلا للإخراج أنها مكان الفعل. فالملابسة والعلاقة هى المكانية.
وكذلك إسناد التحديث إلى ضمير الأرض ، مجاز عقلى علاقته المكانية ، أما الفاعل الحقيقى فهو الله عزوجل ومثلهما قوله تعالى :
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً ...) (٦) فقد أوقع اسم الفاعل (آمِناً) وهو في قوة معنى الفعل ، على ضمير (بَلَداً) على سبيل المجاز العقلى والبلد مكان.
فالملابسة أو العلاقة فيه هى المكانية وفاعل الأمن الحقيقى هم أهل البلد «مكة» لا البلد.
* الزمانية : لكل فعل زمان يقع فيه ، لذلك صح أن يسند الفعل إلى زمانه على سبيل المجاز العقلى ، ومن أمثلته فى القرآن الكريم :
(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) (٧) فقد أسند فيه الفعل (يَجْعَلُ) لضمير (يَوْماً) على أنه فاعل الشيب فى (الْوِلْدانَ) أى الأطفال صغار السن ، واليوم هو زمان التشييب لا فاعله ، لأن الفاعل الحقيقى هو الله عزوجل ، واليوم ظرف للتشييب.
* السببية ، وقد يكون المجاز العقلى حاصلا بإسناد الفعل إلى سببه ، وهو كثير فى القرآن الكريم ، ومنه قوله تعالى فى شأن آدم وحواء (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) (٨) فقد أسند الإخراج إلى ضمير (الشَّيْطانُ) وهو سبب الإخراج وليس فاعله. والعلاقة فيه هى السببية ، والتقدير ؛ فأخرجهما الله بسبب وسوسة الشيطان لهما ، وإغرائه إياهما على الأكل من الشجرة المحرمة عليهما.
ومثله قوله تعالى : (... وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً ..) (٩) والمجاز العقلى ـ عموما ـ يفيد المبالغة فى تصوير أثر الفاعل المجازى الذي أسند إليه الفعل في صدور الأثر المراد ، بتحويله من كونه مكانا للفعل أو زمانا أو سببا إلى كونه فاعلا للفعل.
أ. د. عبد العظيم إبراهيم المطعنى
الهوامش :
__________________
(١) اللسان والمعاجم اللغوية ، مادة : جوز.
(٢) أسرار البلاغة (٣٤٢) دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان ١٣٩٨ هو ١٩٧٨ م / ت : محمد رشيد رضا.
(٣) الإيضاح. ضمن شروح التلخيص (١ / ٢٢٣).
(٤) شروح التلخيص (١ / ٢٢٥) وما بعدها.
(٥) الزلزلة (٤٠٢).
(٦) البقرة (١٢٦).
(٧) المزمل (١٧).
(٨) البقرة (٢٣٦).
(٩) الأنفال (٢).