الذى أصابه الكبر ، وليس لذريته الضعفاء غيرها بالهلاك في أسرع وقت ، حيث قال :
(فَأَصابَها إِعْصارٌ) ... ولم يقتصر على ذلك الإعصار ... فقال (فِيهِ نارٌ) ثم لم يقف عند ذلك حتى أخبر سبحانه باحتراقها ؛ لاحتمال أن تكون النار ضعيفة لا تفى باحتراقها لما فى الجنة من الأنهار ورطوبة الأشجار ، فاحترس بقوله (فَاحْتَرَقَتْ) وهذا أحسن استقصاء وقع فى كلام ، وأتمه وأكمله» (٥).
ومن صور الاستقصاء فى القرآن الكريم ، ولم يذكره الأقدمون قوله تعالى :
(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٦).
فقد استقصت هذه الآية كل صفات الجلال والكمال والجمال لله عزوجل.
وبلاغة الاستقصاء فى شموله للمعانى التى يقتضيها المقام والاستئثار بها ، وسد كل فجوة يمكن أن تدع مقالا للاحقين. فهو الكلمة الأخيرة فى موضوعه.
أ. د. عبد العظيم إبراهيم المطعنى
الهوامش :
__________________
(١) لسان العرب مادة : قصا.
(٢) تحرير التحبير (٥٤٠) وبديع القرآن المجيد (٢٤٧).
(٣) أسرار البلاغة (١٥٢ ـ ١٥٣) ت : محمد رشيد رضا.
(٤) البقرة (٢٦٦).
(٥) بديع القرآن المجيد (٢٤٩ ـ ٢٥٠) ومعجم المصطلحات البلاغية (١٩٤) د. أحمد مطلوب.
(٦) آل عمران (٢٦).