ويقال : رتل
الكلام : أحسن تأليفه وأبانه وتمهل فيه. وترتيل القراءة : الترسل فيها والتبيين من
غير بغى . وفى الاصطلاح :
القراءة بتؤدة
واطمئنان مع تدبر المعانى ومراعاة أحكام التجويد من إعطاء الحروف حقها من الصفات
والمخارج ، ومد الممدود وقصر المقصور ، وترقيق المرقق وتفخيم المفخم مما يتفق
وقواعد التجويد. وهو أفضل المراتب الأربعة ، فقد أمر الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم فقال جل شأنه : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلاً) (سورة المزمل آية
٤)
والفرق بين
الترتيل والتحقيق ـ فيما ذكره بعض العلماء ـ أن التحقيق يكون للرياضة والتعليم
والتمرين ، والترتيل يكون للتدبر والتفكر والاستنباط ، فكل تحقيق ترتيل ، وليس كل
ترتيل تحقيقا .
وقول السيوطى : «كل
تحقيق ترتيل وليس كل ترتيل تحقيقا». يريد به بيان النسبة بين الترتيل والتحقيق ـ على
ما أعتقد ـ مما يكون فى مقام التعليم يطلق عليه تحقيق ويطلق عليه ترتيل أيضا ؛ لأن
مقام التعليم لا ينافى التدبر والتفكر ، وما يكون فى مقام التدبر والتفكر يطلق
عليه ترتيل ، ولا يطلق عليه تحقيق لأنه ليس مقام تعليم وتمرين.
إذن : فالتحقيق
أعم والترتيل أخص ، والنسبة بينهما العموم والخصوص المطلق ، وهو أن يجتمع الشيئان
فى شىء واحد وينفرد الأعم.
حكم الاستعاذة
اتفق العلماء على
أن الاستعاذة مطلوبة من مريد القراءة ، واختلفوا بعد ذلك هل هذا الطلب على سبيل
الندب أو على سبيل الوجوب؟. فذهب جمهور العلماء وأهل الأداء إلى أنه على سبيل
الندب ، وقالوا : إن الاستعاذة مندوبة عند إرادة القراءة ، وحملوا الأمر فى قوله
تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (سورة النحل آية
٩٨). على الندب فلو تركها القارئ لا يكون آثما.
وقال ابن سيرين ـ وهو
من القائلين بالوجوب ـ : لو أتى الإنسان بها مرة واحدة فى حياته كفاه ذلك فى إسقاط
الواجب عنه.
وصيغة الاستعاذة
عند جميع القراء : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم». لأن هذا الصيغة هى الواردة فى
القرآن الكريم كما فى الآية السابقة ، وهى الواردة أيضا عن الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ففي الصحيحين من حديث سليمان بن صرد ـ رضى الله عنه ـ قال
: «استبّ رجلان عند رسول صلىاللهعليهوسلم ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمرّ وجهه ،
فقال النبى