والعطف عطف جملة على جملة ، ولا يسوغ الوقف على (وامرأته) لأنه لا يوقف على المبتدأ دون خبره (١٦٩).
ـ وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) (النساء : ٩٤) (قرئ : (فتبينوا) وقرئ :
(فتثبتوا) (١٧٠). (وفسر ابن الأنبارى الأولى بالثانية ، فجعلهما بمعنى واحد ، وذلك أن أحد المترادفين قد يكون أجلى فيكون شارحا) (١٧١).
إلى غير ذلك (١٧٢).
ـ هذا وأثر القراءات فى علم التفسير ماثل فى كتبه بما لا حصر له.
ومن فوائد اختلاف القراءات ـ بالإضافة إلى ما سلف :
ـ ما فى ذلك الاختلاف ـ كما قال ابن الجزرى ـ «من عظيم البرهان وواضح الدلالة ، إذ هو مع كثرة هذا الاختلاف وتنوعه لم يتطرق إليه تضاد ولا تناقض ولا تخالف ، بل كله يصدق بعضه بعضا ، ويبين بعضه بعضا ، ويشهد بعضه لبعض ، على نمط واحد ، وأسلوب واحد ، وما ذاك إلا آية بالغة ، وبرهان قاطع على صدق من جاء به صلىاللهعليهوسلم.
ـ ومنها سهولة حفظه ، وتيسير نقله على هذه الأمة ، إذ هو على هذه الصفة من البلاغة والوجازة ، فإنه من يحفظ كلمة ذات أوجه أسهل عليه وأقرب إلى فهمه وأدعى لقبوله من حفظه جملا من الكلام تؤدى معانى تلك القراءات المختلفات ، لا سيما فيما كان خطه واحدا ، فإن ذلك أسهل حفظا ، وأيسر لفظا.
ـ ومنها إعظام أجور هذه الأمة من حيث إنهم يفرغون جهدهم ليبلغوا قصدهم فى تتبع معانى ذلك واستنباط الحكم والأحكام من دلالة كل لفظ ، واستخراج كمين أسراره وخفى إشاراته ، وإنعامهم النظر ، وإمعانهم الكشف عن التوجيه والتعليل والترجيح والتفصيل ، بقدر ما يبلغ غاية علمهم ، ويصل إليه نهاية فهمهم .. والأجر على قدر المشقة.
ـ ومنها بيان فضل هذه الأمة وشرفها على سائر الأمم ، من حيث تلقيهم كتاب ربهم هذا التلقى ، وإقبالهم عليه هذا الإقبال ، والبحث عنه لفظة لفظة ، والكشف عنه صيغة صيغة ، وبيان صوابه ، وبيان تصحيحه ، وإتقان تجويده ، حتى حموه من خلل التحريف ، وحفظوه من الطغيان والتطفيف ، فلم يهملوا تحريكا ولا تسكينا ، ولا تفخيما ولا ترقيقا ، حتى ضبطوا مقادير المدّات ، وتفاوت الإمالات ، وميزوا بين الحروف بالصفات ، مما لم يهتد إليه فكر أمة من الأمم ، ولا يوصل إليه إلا بإلهام بارئ النسم.