مثال ذلك : ما أخرجه البخارى وغيره عن جابر بن عبد الله ـ رضى الله عنهما ـ أنه قال : «كانت اليهود تقول : من أتى امرأته من دبرها فى قبلها جاء الولد أحول ، فأنزل الله ـ عزوجل : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)» (٥٤) [البقرة : ٢٢٣].
الموقوف على الصحابة :
أما الموقوف على الصحابة فقد اختلف العلماء فى حكم الأخذ به :
١ ـ فمنهم من قال : لا يجب الأخذ به ، لأنهم فى اجتهادهم كسائر المجتهدين ، الذين يصيبون ويخطئون ، فكيف يجب تقليدهم؟
٢ ـ ومن العلماء من رأى ضرورة الأخذ بتفسيرهم ، لأنهم عاشوا عصر تنزيل القرآن ، وشاهدوا التفسير العملى له ، من خلال حياة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ولبلوغهم قمة الفصاحة والبلاغة.
رأينا فى المسألة :
ما ورد فى التفسير عن الصحابة لا يخلو من أحوال ثلاث :
١ ـ إما إجماع منهم.
٢ ـ وإما اختلاف بينهم.
٣ ـ وإما قول لا يعرف له مخالف أو موافق.
فإن أجمعوا على شىء ؛ كان إجماعهم حجة ، يجب الأخذ به ، لأن إجماع الأمة فى أى وقت على أمر ما يجب الانقياد له ، فكيف بإجماع أشرف قرن على الإطلاق ، بخبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيث قال : «خير الناس قرنى». (٥٥)
أما إذا اختلفوا ، بحيث تعددت أقوالهم :
حاولنا أن نجمع بينها ، لأن أغلب اختلافهم اختلاف تنوع وعبارة ، وليس اختلاف تضاد ، فإن لم يمكن الجمع
اخترنا الراجح وفقا لضوابط الترجيح ، ولا نخرج عن أقوالهم.
وإن كان فى الآية قول لصحابى ، لم يعرف له مخالف ولا موافق ، فالأحوط والأولى أن نأخذ به ، لما امتازوا به من أمور لم تتوافر لغيرهم.
قال الشافعى ـ رحمهالله ـ عن الصحابة : (٥٦)
«أدوا إلينا سنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وشاهدوه والوحى ينزل عليه ، فعلموا ما أراد رسول الله