فهم كتاب الله تعالى ، المنزل على نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم ، وبيان معانيه ، واستخراج أحكامه وحكمه» (٣).
وقد ذكر السيوطى فى إتقانه عدة تعريفات كثيرة للتفسير ، واعتبر فى كتابه «التحبير فى علم التفسير» تعريف أبى حيان أحسن تعريف. (٤)
ولعل خير ما يجمع تلك التعاريف كلها ، ذلك الذى ذكره الزرقانى فى مناهله ، حيث يقول : «والتفسير فى الاصطلاح : علم يبحث فيه عن القرآن الكريم ، من حيث دلالته على مراد الله تعالى ، بقدر الطاقة البشرية» (٥).
وهذا التعريف ـ على الرغم من إيجاز عبارته ـ تعريف جامع مانع ، يناسب المطلوب من الصياغة فى مثل هذا المقام.
ثم شرح الزرقانى تعريفه هذا شرحا وافيا ، ثم بين لنا سبب تسمية هذا العلم بذلك الاسم ، ووجه اختصاصه بها دون بقية العلوم ، فقال : «وسمى علم التفسير لما فيه من الكشف والتبيين ، واختص بهذا الاسم دون بقية العلوم ـ مع أنها كلها مشتملة على الكشف والتبيين ـ لأنه لجلالة قدره ، واحتياجه إلى زيادة الاستعداد ، وقصده إلى تبيين مراد الله من كلامه ، كان كأنه هو التفسير وحده ، دون ما عداه» (٦).
وجه الحاجة إلى التفسير :
أولا : من أهداف نزول القرآن الكريم الدلالة على صدق النبوة والرسالة ، أى أنه نزل ليكون المعجزة الكبرى للنبى صلىاللهعليهوسلم ، ومعرفة أوجه إعجازه لا تتم إلا عن طريق تفسيره.
ثانيا : ومن أهداف القرآن الكريم كذلك أن الله أنزله ليكون روحا لهذه الحياة ، ونورا للناس يهديهم إلى ما فيه سعادتهم فى الدنيا ، وفلاحهم فى الآخرة ، أنزله ليكون منهج حياتهم فى أمور العقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق ، وسائر شئون الدين والدنيا والآخرة ، ولن يتأتى للأمم والجماعات والأفراد الرقى فى مدارج الكمالات إلا بالعمل بهذا القرآن ، ولن يتأتى العمل به إلا بعد فهمه فهما صحيحا ، وهذا الفهم الصحيح لا يتأتى إلا بتفسير القرآن.
ثالثا : معلوم أن العلوم تنقسم إلى علوم دنيوية ، وعلوم شرعية ، والعلوم الدنيوية يتوقف الانتفاع بها على الوجه الأكمل والأصلح للبشرية على العلوم الشرعية ، والتخلق بالآداب الإلهية ، وإلا كانت دمارا