كما فى (ن وَالْقَلَمِ). (يس (١) وَالْقُرْآنِ
الْحَكِيمِ) وقد كره العلماء هذا.
وأرجح
الأقوال فى هذا الشأن :
أن معنى هذه الحروف هو ما تصدق عليه من حروف الهجاء ، ف (الم) هى : الألف واللام والميم ، وهكذا دواليك.
والمراد بها على
هذا الوجه هو الإعجاز ، بمعنى : كأن الله يقول للمنكرين لربانية القرآن : هذه هى
الحروف التى تركبت منها كلمات القرآن ، ومنها تركبون كلامكم ، فإن كان القرآن ـ كما
تزعمون ـ افتراء محمد ، أو من تعليم بشر ، أو سحر يؤثر ، وليس من عند الله ،
فافتروا قرآنا مثله ، كما جاء ذلك صريحا فى قول الله ـ سبحانه وتعالى : (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا
يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) [الطور ٣٣ ـ ٣٤] (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ
فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [هود ١٣] ، (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا
نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ
مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [البقرة ٢٣].
ولم يستطيعوا شيئا
من ذلك ، بل لم يرفعوا بذلك رأسا ولا عقيرة ، فوقع الحق وظهر أمر الله ، كما قال ـ
سبحانه وتعالى : (قُلْ لَئِنِ
اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا
يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [الإسراء ٨٨].
واستأنس البعض
لهذا القول ببعض النكات الحسان منها :
١ ـ أن هذه الحروف
أربعة عشر حرفا ، على النصف من عدد الحروف الهجائية الثمانية والعشرين ، وعدد
السور المفتتحة بها تسع وعشرون سورة ، على عدد حروف الهجاء عند من يعتبر الألف
المهموز حرفا ، وغير المهموز حرفا آخر.
٢ ـ أنها اشتملت
أنصاف الحروف من حيث الصفات ، ففيها نصف حروف الهمس ، والجهر ، والشدة ، والرخاوة
، والإطباق ، والانفتاح ، وغير ذلك.
٣ ـ أن عددها
الأربعة عشر ، مطرد فى كثير من الخلق ، مثل مفاصل كل يد فى جسم الإنسان ، ومنازل
القمر فى البروج الشمالية ، أو الجنوبية ... وهكذا.
هذا والله تعالى
أعلى وأعلم
وهو ولى الهداية
والتوفيق
د. / عبد البديع أبو هاشم محمد