بالله لأفعلن كذا).
، وقلما يحذف كما فى قوله تعالى : (فَبِعِزَّتِكَ
لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) .
ولقد ذكر جار الله
الزمخشرى الفرق بين الباء والتاء : أن الباء الأصل ، والتاء مبدلة من الواو التى
مبدلة منها ، وفى التاء زيادة معنى التعجب . فالغالب فى أداة القسم ائتلافها من فعل وحرف على ما
وصفنا.
وقد يكون القسم
جملة اسمية ، فيحذف خبرها وجوبا إذا كان المبتدأ نصا فى اليمين كقولهم : (لعمر
الله لأفعلن كذا) ، وقوله تعالى :
(لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ
لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) وتقدير المحذوف : يمينى أو قسمى ، فإن لم يكن نصا فى
اليمين أو القسم جاز حذف الخبر وذكره ، كما فى قولهم : (عهد الله لأفعلن كذا). نصّ
على ذلك ابن عقيل فى شرحه «لألفية ابن مالك».
و «فى حاشية
الخضرى» شرح معنى قولهم : (نصا فى القسم) بأن يكثر ويغلب استعماله فى القسم. وبيّن
أن (عهد الله) يعتبرها بعضهم (نصا فى القسم) ، فلا إشكال فى تسوية الفقهاء بينها
وبين (العمر) ؛ لأنهما كناية يمين ، ولا ينعقد بهما إلّا مع النية وقد تحذف أداة القسم والمقسم به معا ويدلّ عليهما باللام
الموطئة للقسم كقوله تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي
أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً) ، وقد يحذفان فلا يدلّ عليهما إلّا المعنى ، قال السيوطى
نحو : (وَإِنْ مِنْكُمْ
إِلَّا وارِدُها) .
رابعا
: المقسم عليه : الأصل فيه وهو جواب القسم ، أن يذكر كما سبق فى الأمثلة ، وقد يحذف ، فقد
ذكر أبو على الفارسى أن الألفاظ الجارية مجرى القسم قسمان :
أولهما : التى كغيرها من الأخبار وليست بقسم ، فلا تجاب بجواب ،
كما فى قوله :
(وَرَفَعْنا
فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا) . فتجوز أن تكون قسما أو حالا للخلو من الجواب.
وثانيهما
: ما يتلقى بجواب
القسم كقوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ
جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ) . بل يحذف جواب القسم مع هذا الثانى لحكمة. وقد بيّن شمس
الدين ابن القيم فى (التبيان فى أقسام القرآن) أن القسم فى القرآن بأمور : على
أمور ، فيقسم ـ سبحانه ـ بذاته وصفاته ، وآياته المستلزمة لذاته وصفاته ، وبعض
المخلوقات ليدل على عظيم آياته ، ثم بين أن الغالب على القسم الجملة الخبرية ، وقد
تكون طلبية كقوله تعالى : (فَوَ رَبِّكَ
لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ، وقد