لَمْ يَدْعُنا)(١) أي ذهب ، ومثله في المعنى : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ)(٢).
قوله : (فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ)(٣) المرّة : المدّة من الزمان ، وهي في الأصل مصدر ؛ فالمرة والمرّتان كالفعلة والفعلتين ، أطلقت على كلّ جزء من الزمان. وفي الحديث : «ماذا في الأمرّين من الشّفاء ؛ الصّبر والثّفاء» (٤) هذا بلفظ التّثنية ، والأمرّ بمعنى المرّ كالأثقل بمعنى الثقيل ، فإذا قيل : كفيت منه الأمرّين ، أي الدّواهي ، قلت : الأمرّين بلفظ جمع العقلاء.
وفي الحديث : «كره من الشاء سبعا : الدّم والمرار ..» (٥) قال القتيبيّ : أراد المحدّث أن يقول : الأمرّ ، وهي المصارين ، فقال : المرار ، وأنشد (٦) : [من الوافر]
فلا تهدي الأمرّ وما يليه |
|
ولا تهدنّ معروق العظام |
وقال الليث : المرار جمع المرارة ، قال : والمرارة لكلّ ذي روح إلا البعير.
م ر ض :
قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)(٧) أي نفاق ، وأصل المرض الخروج عن اعتدال المزاج الصحيح الخاصّ بالإنسان ، وذلك ضربان : مرض جسمي ، وهو المذكور في قوله : (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ)(٨). والثاني عبارة عن الرذائل الكائنة في القلب كالبخل والجبن والجهل والحسد والنفاق من الرذائل الخلقيّة ، أي المكتسبة بالانفعال. قال بعضهم : وتشبيه النفاق والكفر وغيرهما من الرذائل بالمرض إما لكونها مانعة من إدراك
__________________
(١) ١٢ / يونس : ١٠.
(٢) ٨٣ / الإسراء : ١٧.
(٣) ١٢٦ / التوبة : ٩.
(٤) النهاية : ٤ / ٣١٧. الصبر : الدواء المر المعروف. الثفاء (على وزن غراب). الخردل.
(٥) النهاية : ٤ / ٣١٦.
(٦) اللسان ـ مادة مرر.
(٧) ١٠ / البقرة : ٢.
(٨) ٦١ / النور : ٢٤.