قوله : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ)(١) عبارة عن الهلكة ، لأنّ السياف عادة يأخذ من يضرب عنقه من جهة اليمين ليتمكّن من ضربه. وقيل : معناه : أخذناه بالقوة والقدرة. وقيل : أخذنا قوّته وقدرته. واليمين في الأصل هي الجارحة المعروفة. وعبّر عن تلك الأشياء بها كما عبّر عنها باليد فيما تقدّم. وعبّر عن السعادة باليمين كقوله تعالى : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ) الآية (٢) وعن الشقاوة بالشّمال كقوله تعالى : (وَأَصْحابُ الشِّمالِ)(٣). ولذلك أعطي السّعداء كتبهم بالأيمان ، وضدّهم بالشمائل ، واليمين في القسم لأنّ الحالف غالبا يصفّق بيمينه. وقرىء قوله تعالى : (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ)(٤) بفتح الهمزة جمع يمين ، أي لا موثق بيمين لأنّهم ينقضون العهد. وبالكسر على أنه «الإيمان» وهو التّصديق بالجنان (٥). والياء في الأول أصل بنفسها. وفي الثاني منقلبة عن همزة حسبما بينّاه غير مرة. وفي الحديث : «الحجر الأسود يمين الله في الأرض» (٦) أي يتوصّل به إلى السعادة المقرّبة إليه. واليمين والتيمّن : السعادة.
فصل الياء والنون
ي ن ع :
قوله تعالى : (وَيَنْعِهِ)(٧) أي نضجه. يقال : ينعت تينع ينعا (٨) ، وأينعت إيناعا فهي مونعة. وقال ابن الأنباريّ : الينع جمع يانع وهو المدرك البالغ ؛ كأنّه جعله مثل صاحب وصحب ، وراكب وركب. قال الفراء : أينع أكثر من ينع. قلت : وكأنّ هذا الحامل لأبي بكر على جعله جمعا لا مصدرا لئلّا يجيء القرآن على اللغة القليلة ؛ إذ لو جاء على الكثير
__________________
(١) ٤٥ / الحاقة : ٦٩.
(٢) ٢٧ / الواقعة : ٥٦.
(٣) ٤١ / الواقعة : ٥٦.
(٤) ١٢ / التوبة : ٩.
(٥) الكلمة ساقطة من ح. وقد قرأها بكسر الهمزة الحسن (وابن عامر) (معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٢٥).
(٦) النهاية : ٥ / ٣٠٠.
(٧) ٩٩ / الأنعام : ٦.
(٨) وينعا.