قيام إلى الصلاة ، ويدلّ على ما ذكرنا سياق التعبير في الآية المباركة (إِلَى الصَّلاةِ) وموقعه العملي ؛ لأنّها عمل وكلّ عمل لا يتحقّق إلّا بالإرادة. وبعض الروايات ، في تفسير العياشي : «عن بكير بن أعين عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) قلت : ما عنى بها؟ قال عليهالسلام : من النوم». ومثلها غيرها ، فإنّها تدلّ على أنّ المراد هو القيام التهيؤي للصلاة بالخروج عن الأحداث الموجبة للطهارة ، وذكر النوم إنّما هو من باب المثال ، فتكون هذه الروايات مخصصة لعموم الآية الشريفة الدال على وجوب الوضوء لكلّ صلاة ، فإنّها تختصّ بالمحدثين من المكلّفين ، وأما غيرهم فيستحبّ لهم الوضوء لما ورد عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «الوضوء على الوضوء نور على نور» ، ولما يستفاد من ذيل الآية الشريفة من أنّ الغرض من تشريع الطهارات هو تطهير النفوس والأبدان ، وهو حسن على كلّ حال ، وسيأتي في البحث الفقهي مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ).
تفصيل لأعمال الوضوء بتعيين مواضعه حسب الترتيب ، وهي غسل الوجه واليدين ، ومسح الرأس والرجلين.
والغسل (بالفتح) إمرار الماء على الشيء لإزالة ما عليه من الوسخ وغيره وتنظيفه منه ، وإطلاقه من دون تحديده بأمر يقتضي الأخذ بما يجري عليه العرف في الغسل بالماء على النحو الذي لا يؤتى به لإزالة الوسخ والدرن ، لاحتياجه إلى كثرة إفاضة الماء واستيلائه على الوجه ، بل يكفي فيه ما يحصل به غسل ما هو نقي عن الوسخ والحاجب للماء عن البشرة.
ولا ريب في أنّ العرف والعادة في مثل ذلك يقضي بإمرار الماء باليد اليمنى ـ المعدّة للأعمال المحترمة ـ من دون الغسل بكلتا اليدين ، إلّا في مقام كثرة الإفاضة زيادة على مسمّى الغسل ، كإزالة الخضاب ونحوه ، واستعمال اليد اليسرى لا يكون