قوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ).
تعليل لما سبق ، وهو يدلّ على عدم تناهي العذاب كما وكيفا ومدة ، أي : لهم عذاب ثابت لا يزول ولا يفارقهم أبدا.
قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما).
جملة مستأنفة والواو للاستئناف ، ودخول الفاء على الخبر يدلّ على أنّ الكلام في مقام التفصيل.
والتقدير : وأما السارق والسارقة ... إلخ. والسرقة هي أخذ الشيء في خفية ، ومنه استراق السمع ، وسارقة النظر ، ومنها السرقة في الفقه الإسلامي ، أي : أخذ مال الغير خفية. والسرق والسرقة (بكسر الراء فيهما) اسم للشيء المسروق ، والمصدر من سرق يسرق سرقا (بفتح الراء) ، فإن أخذ من ظاهر فهو مختلس ، ومستلب ، ومنتهب ، ومحترس الذي يسرق حريسة الجبل ، يشمل الجميع الغصب. وقد تستعمل السرقة في مطلق النقص ، كما في الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «وأسوأ السرقة الذي يسرق من صلاته ، وقيل : وكيف يسرق من صلاته؟ قال صلىاللهعليهوآله : لا يتمّ ركوعها ولا سجودها».
والقطع هو الإبانة والإزالة ، والآية الشريفة وإن كانت مطلقة ، إلّا أنّ السنّة الشريفة بيّنت شروط الحكم ، فلا يصحّ إجراء الحدّ إلّا إذا توفّرت جميع الشروط المعتبرة في السارق والشيء المسروق والمسروق منه ، فليس كلّ سرقة يجري عليها الحكم المزبور ، كما هو مذكور في الفقه. راجع كتانا مهذب الأحكام.
واليد هي الجارحة المعروفة ، وتطلق في الإنسان على المحدود من المنكب إلى أطراف الأصابع ، وقد يطلق على الأبعاض أيضا كما عرفت في آية الوضوء. والمراد منها في المقام جزء معين ، وهو الأصابع كما دلّت عليه الروايات المتعدّدة ، وسيأتي نقل بعضها.
وذهب الجمهور إلى أنّ القطع من الرسغ ، وقيل : من المنكب ، والمسألة محرّرة في الفقه.