ومرافق : جمع المرفق (بالكسر فالفتح) وقرئ بالعكس ، ولكنّ الأوّل أفصح ، وهو مجمع عظمي الذراع والعضد ، وإنّما ذكر بلفظ الجمع باعتبار صورة الخطاب بالجمع (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ، وإن كان لكلّ مكلّف مرفقان فإنّه يصحّ الخطاب به أيضا ، نظرا لانحلال الخطاب إلى خطابات متعدّدة ، كما هو الشأن في كلّ عامّ إفرادي ، إلّا أنّه لا يصحّ حلّ جمع الأيدي إلى أفرادها ، فيقال : ويدكم إلى المرافق ، وسيأتي مزيد بيان.
وتحديد غسل الأيدي إلى المرافق قد جرى على ما هو المتعارف أيضا ، لأنّ معظم مقاصد اليد إنّما يحصل بما دون المرفق إلى الأصابع ، وأنّها المعرّضة لما يحتاج إلى الغسل دون ما كان من ناحية الكتف إلى المرفق ، ولأجل ذلك تسمّى هذه القطعة باليد ، تسمية البعض باسم الكلّ ، كما تقدّم ، فصار اليد مشتركا عند العرف ، ولعلّ ذلك كان هو الموجب لتحديد اليد في المقام ونصب القرينة عليه بتقييد اليد إلى المرافق ، ليكون الواجب هو غسل اليد إليها ، ولم يكن الأمر كذلك في الوجوه ، فكان المرجع فيها العرف ، كما عرفت آنفا.
ومن ذلك يعرف أنّ (إلى) في المقام لتعيين المغسول وتحديده ، كما هو المعروف في نظائر المقام ، تقول : اغسل ثوبك إلى جيبه ، واخضب كفّك إلى مفصل الزند ، واصقل السيف إلى ضبّته ونحو ذلك ، فيكون الغسل مطلقا غير مقيّد بالغاية ، فيصحّ أن يبتدأ من المرفق إلى أطراف الأصابع ، كما يحتمل العكس ، وحينئذ لا بدّ في تعيين أحد الاحتمالين من الرجوع إلى القرائن الحافّة ، أو ما ورد في السنّة الشريفة.
أما القرائن ، فإنّ المتعارف في مثل غسل اليد أن يكون الابتداء من الأعلى إلى الأنامل ، وأنّ النكس في مثل ذلك ممّا يستلزم صعوبة ، وحينئذ لا يبقى إطلاق للآية الشريفة.
وأما السنّة ، فقد ورد من الفريقين ما يدلّ على كون الغسل من الأعلى إلى الأسفل ، فقد أخرج الدّارقطنيّ والبيهقيّ في سننهما عن جابر بن عبد الله قال : «كان