وتحذير المؤمنين من نقضه ، وتذكير لهم بما حلّ على بني إسرائيل من صنوف البلاء والمحن والعذاب جراء نقضهم المواثيق الإلهيّة ، فتكون أحوالهم داعية للاعتبار بها ، كما عرفت آنفا.
وإنّما ذكر عزوجل أسلوب القسم وأظهر الاسم الجليل ، لإفادة التأكيد وتفخيم الميثاق وتهويل الخطب في نقضه.
قوله تعالى : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً).
تذكير آخر للمؤمنين بما جرى على بني إسرائيل من أحكام دينهم وتثبيت أمرهم. والجملة تدلّ على كمال الاهتمام والتشويق لما في الالتفات في الكلام وتقديم المفعول.
ومادة (نقب) تدلّ على الأثر الحاصل في الشيء والذي له عمق ، ومنه النقب في الحائط أو الجلد ، أي : الثقب فيهما ، ومنه النقب في الجبل ، أي : الطريق فيه ، يقال : سلك الرجل المناقب ، أي : سار في طرق الجبال ، كما يقال : فلان حسن النقبة ، أي : جميل الخلقة ، ومنه النقيب بمعنى مطلق التفتيش ، قال تعالى : (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) [سورة ق ، الآية : ٣٦] ، وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «إنّي لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس» ، أي أفتش واكشف عنها.
والنقاب مصدر يطلق على العالم بالأشياء الكثيرة الباحث عن الأمور.
النقيب : الشريف والسيد الباحث عن أحوال القوم ، باعتبار كونه أمينا وكفيلا عليهم ويفتش عنهم ويعرف مناقبهم.
وتدلّ الآية الشريفة على أنّ النقباء في بني إسرائيل كانوا من عند الله تعالى ، بعثهم عليهم لمراعاة أحوالهم وكفالة أمورهم وإقامة شعائر دينهم.
قوله تعالى : (وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ).
إيذان بالمراقبة والحفظ والمعونة والنصر ، وذلك مشروط بالطاعة وحفظ المواثيق ، كما تدلّ عليه الآية التالية. وهذا القول منه عزوجل لموسى عليهالسلام مخاطبا به