آثار النور :
الأنوار الإلهيّة تؤثّر في القلوب وتوجب سعادة النفس ورقيها ، وتخلّف حقائق هي السبل للفوز بالكمالات ، فبالنور يميّز الإنسان الحسن من القبح ، وبعد ذلك البصيرة تذعن أو تحكم على الحسن بحسنه وعن القبيح بقبحه ، ثمّ القلب يقبل على ما ثبت حسنه ويدبر عن ما ثبت قبحه ، فتحصل السعادة بعرفان الحقّ ، فهذه الحقائق تستند إلى النور ، وهو السبب لها ، ولذا اشتهر عندهم «الأنوار مطايا إلى العلّام» ، لأنّها تشرق على النفوس المستعدة ، فتوصلها إلى وادي المعرفة وتربطها مع خالقها.
ولا فرق في تلك الأنوار الفائضة منه جلّ شأنه أن تشرق من الرسل ، والكتب ، أو الأكوان ، كلّ لها أثرها الخاصّ على النفس ، إن لم تكن على القلوب أكنة.
أقسام النور :
الأنوار المحسوسة بعين البصر المنتشرة من الأجسام النيرة ، كالقمرين والنجوم والأرض وغيرها أنوار خارجيّة لها أثرها الخاصّ في عالم الإمكان ، ولسنا في مقام بيانها لأنّها مدركة لكلّ أحد حتّى البهائم ، فلا خصوصية لها سوى الآثار ، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) [سورة يونس ، الآية : ٥] ، والضوء أخصّ من النور ، وفي الدعاء المأثور : «يا خازن الليل في الهواء ، وخازن النور في السماء».
وأما الأنوار المعنوية التي تدركها البصيرة ، فهي على قسمين : دنيويّة ، واخرويّة ، والأول كنور العقل والعلم ، ونور الإيمان. وإنّ الحياة في هذا العالم متقوّم بهذه الأنوار ، ولو لا ها لم تسعد حياة ، وهو المراد من الآية الشريفة : (وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) [سورة الأنعام ، الآية : ١٢٢] ، وفي الحديث : «العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء».