قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً).
التيمّم : هو القصد ، وقد استعمل في الشرع في مسح الجبهة واليدين بالتراب.
والصعيد : هو وجه الأرض. وقيل : الصعيد هو الغبار الذي يصعد ، أي : من الصعود ، ولهذا قالوا لا بدّ للمتيمم أن يعلق بيده الغبار.
ولكن ادّعى الزجاج عدم الخلاف بين أهل اللغة أنّه مطلق «وجه الأرض سواء كان عليه تراب أو لم يكن» ، ونقل المحقّق عن ابن الأعرابي ذلك أيضا. إذا لا وجه لهذا القول كما هو واضح.
والطيب : هو الخالص المنزّه عمّا يستخبث ويكره ، سواء كان بحسب حاله وذاته أو المراد منه أو يرغب فيه ومنه ، فيشمل الطهارة والإباحة وعدم خروجه عن حالته الطبيعيّة بالطبخ ونحوه ، فتكون من وجوه الطيب ، وهذا هو الظاهر من موارد استعمال هذه الكلمة في الكتاب والسنّة الشريفة ، فيكون ما ورد في السنّة الشريفة مؤكّدا لما تدلّ عليه الآية الكريمة.
وقيل : إنّ المراد بالطيب الطاهر ، فيكون دليلا على اشتراط الطهارة لما يتيمم به ، ولكنّه تخصيص للآية المباركة بغير دليل ، وقد تقدّم الكلام في سورة النساء الآية ـ ٤٠ فراجع.
قوله تعالى : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ).
بيان لكيفيّة التيمّم بعد ذكر المتيمم به بلفظ بليغ ، وهو بإيجازه يشمل كثيرا من المعاني ، وتقدّم الكلام آنفا في المسح ، والوجه ، واليدين ، فإنّ الظاهر أنّ المراد منها في التيمّم ما يراد منها في الوضوء ، فإنّهما من باب واحد ، إلّا أنّ في التيمّم يكفي مسح الوجه وبعض اليدين ، لمكان (الباء) ، وقد حدّدتهما السنّة الشريفة بما بين الجبينين إلى أطراف الأنف في الوجه ، وبما دون الزند إلى أطراف الأصابع في اليدين ، وسيأتي في البحث الفقهي بعض الكلام.
ولكن لا ينبغي الشكّ في دلالة الآية المباركة على أنّ المسح يتقوّم بالماسح