يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو في الجنّة» ، وقال عليهالسلام : «الحكم حكمان ، حكم الله وحكم الجاهليّة ، فمن أخطأ حكم الله حكم بالجاهليّة».
أقول : في ذلك روايات متعدّدة عن الفريقين مذكورة في كتب التفسير ، والآيات الشريفة تدلّ على ذلك ، فقد أمر عزوجل نبيّه الكريم بالحكم بينهم بما أنزل الله ، فهذا يختصّ بحكم الله تعالى ، ثمّ أمره عزوجل ثانيا بالحكم بينهم بما أنزل الله ونهاه عن اتّباع أهوائهم كما جاء من الحقّ ، فهو يدلّ على أنّ ما سوى حكم الله تعالى هو من اتّباع الهوى الذي نهاه عزوجل عنه ، وهو يشمل الأقسام الثلاثة ، الحكم بالجور مع العلم به ، والحكم بالجور مع عدم العلم به ، فإنّه جور أيضا بالملازمة ، والحكم بالحقّ مع عدم العلم به ، لفقد شرط الحكم بالحقّ الذي هو العلم بكونه حقّا ، وإلّا كان حكما بالجور الذي هو من اتّباع الهوى ، ويشمل الجميع حكم الجاهليّة الذي هو في مقابل حكم الله تعالى مقابلة واقعيّة ، وقد ذكرنا ما يتعلّق بذلك في كتاب القضاء من مهذب الأحكام فراجع.
وفي الكافي عن الصادق عن أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليهما ـ : «الحكم حكمان : حكم الله وحكم الجاهليّة ، فمن أخطأ حكم بحكم الجاهليّة ، وقد قال الله عزوجل (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)».
بحث فقهي :
الآيات الشريفة المتقدّمة من أهمّ الآيات القويمة التي تدلّ على مشروعيّة القضاء والحكم بين الناس ، وتذكر دعائهما في الإسلام ، وهي الحكم والقاضي والمقضي عليه ، وقد أكّد عزوجل عليها وذكر خصوصياتها ، ففي الحكم قال عزوجل (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) ، وهو يدلّ على وجوب الحكم بين الناس بما أنزله الله تعالى ، فيختصّ بالعالم بكونه ممّا أنزله الله تعالى ، وهو حكم الله.