الروايات : «مسخ الله عقله وخلع فؤاده تائها حتّى مات» ، ولذا الهم الغراب بذلك دون قابيل. نعم إنّ ما اقتضته الفطرة غير قابل للجهل ، كما ورد في بعض الروايات : «مهما أبهموا لا يبهموا عن ثلاث : خالقهم ، ومحلّ رزقهم ، ومحلّ سفادهم».
وأنّ فعل الغراب كان منحصرا بالفرد ولم تكن من طبيعته كذلك كما قيل ، وإن ذكر بعضهم أنّ نوعا منه يدفن موتاه وراثيا ، ومنه ذلك الغراب.
كما يستفاد منها أنّ تنبؤ آدم عليهالسلام قتل ولده هابيل كان من الإلهام ، ولم يكن من الوحي ، لقوله عليهالسلام : «لما أوجس في نفسه من ذلك» ، وهذا قد يعرض على الإنسان خصوصا الأخيار منهم.
وأمّا عدم شرب الأرض الدم ، فله أسباب عديدة وحكم كثيرة ، لعلّ منها بقاء أثر دم المظلوم وعدم زواله.
وأما أمر آدم عليهالسلام لعن قابيل لأجل ما صدر منه من الفعل الشنيع باختياره ، وأنّ نداءه في السماء بواسطة بعض الملائكة ، للدلالة على بعده عن رحمته تعالى لأجل ما صدر منه.
وفي تفسير العياشي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «لما أكل آدم من الشجرة اهبط إلى الأرض ، فولد له هابيل وأخته توأم ، ثمّ ولد قابيل وأخته توأم ـ إلى أن قال : ـ ثمّ إنّ آدم عليهالسلام سأل ربّه ولدا ، فولد له غلام فسمّاه هبة الله ، لأنّ الله وهبه له وأخته توأم ، فلما انقضت نبوّة آدم عليهالسلام واستكمل أيامه أوحى الله إليه أن يا آدم قد قضيت نبوّتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان ، والاسم الأكبر ، وميراث العلم ، وآثار علم النبوّة في العقب من ذرّيتك عند هبة الله ابنك ، فإنّي لم اقطع العلم والإيمان والاسم ، وآثار علم النبوّة في العقب من ذرّيتك إلى يوم القيامة ، ولن ادع الأرض إلّا وفيها عالم يعرف به ديني ، ويعرف به طاعتي ، ويكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح ، وبشّر آدم عليهالسلام بنوح وقال : إنّ الله باعث نبيّا اسمه نوح ، فإنّه يدعو إلى الله ويكذّبه قومه فيهلكهم الله تعالى بالطوفان ، وكان بين آدم ونوح عشرة آباء ، كلّهم أنبياء.