الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠))
قوله تعالى : (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) : اطلبوا رزق المشاهدة والوصلة من مقام المحاضرة مع الله ، (وَاعْبُدُوهُ) بشرط المعرفة والإحسان ، ولا تظنوا أن الكشف العيان والمعرفة والبيان يتعلق بالاكتساب ، (وَاشْكُرُوا لَهُ) أي : اشكروا ما أنعم عليكم بتعريفه إياكم نفسه له لا بغيره من العرش إلى الثرى.
قال ابن عطاء : اطلبوا الرزق بالطاعة والإقبال على العبادة.
وقال سهل : اطلبوا الرزق في التوكل لا في الكسب ؛ فإن طلب الرزق في الكسب سبيل العوامّ.
(يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٢٢) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٣) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٥))
قوله تعالى : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) : يعذب من يشاء بالاستتار ، ويرحم من يشاء بالتجلي ، يعذب من يشاء بالقبض ، ويرحم من يشاء بالبسط ، يعذب من يشاء بالمجاهدة ، ويرحم من يشاء بكشف المشاهدة.
قال بعضهم : يعذب من يشاء بالحرص ، ويرحم من يشاء بالقناعة.
وقال بعضهم : يعذب من يشاء بالإعراض عن الله ، ويرحم من يشاء بالإقبال عليه.
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦))
قوله تعالى : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) : عاين الحق ، (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ) من نفسي ومن الكون إليه بالانفصال عما دونه ، ولا يصحّ لأحد الرجوع إليه ، وهو متعلق بشيء من الكون حتى ينفصل عن الأكوان أجمع ولا يتصل بها.
وقال ابن عطاء : أي : راجع إلى ربي من جميع مالي وعليّ الرجوع إليه.
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ