نعم إذا أخذت من يد المسلم يحكم بطهارتها [١] ، ولو لم يعلم أنها مبانة من الحي أو الميت.
______________________________________________________
وبالجملة : السيرة والإجماع يقتضيان طهارة المسك في نفسه مطلقاً. نعم المتيقن من موردهما مسك الفارة ، وأما غيره فمشكوك ، فعموم نجاسة الدم فيه محكم ، إلا إذا ثبت كونه مستحيلا.
هذا ولكن الذي حكاه بعض عن محققي الفن في هذه الأعصار : أن المسك مفهوم مباين للدم ، كالمني ، والبول ، ونحوهما من فضلات الحيوان وان كانت المواد المسكية يحملها دم الظبي ، فاذا وصلت إلى الفأرة أفرزت عن الاجزاء الدموية لاشتمال الفأرة على آلة الافراز ، وهذا الافراز يكون تدريجيا الى أن تمتلئ الفارة من المسك. فالمسك ليس دما فعلا ولا كان أصله دما فاستحال مسكا ، وقد حلل وجزء فكانت أجزاؤه أجنبية عن أجزاء الدم. وما تقدم في كلماتهم من أن المسك دم حتى نظم في الشعر : « فان المسك بعض دم الغزال » مما لا أصل له كما يشهد بذلك العرف أيضاً.
هذا هو المسك الأصلي ، وهو معقد الإجماع والسيرة على الطهارة. وأما غيره ـ كالمعجون من دم الظبي وروثه وكبده ، أو الدم الذي يخرج من الظبي كدم البواسير ، أو غير ذلك ، فليس مسكا حقيقة. وانما فيه أجزاء مسكية ، ولأجلها كانت رائحته رائحة المسك ـ فليس موضوعا للإجماع على الطهارة ، ولا للسيرة ، وطهارته غير ظاهرة ، لأنه دم فيه أجزاء مسكية ، فعموم نجاسة الدم يكون فيه محكما. واستحالته ـ بنحو تمنع من استصحاب النجاسة ـ ممنوعة جداً. وهذا هو المشار إليه في مكاتبة الحميري المتقدمة
[١]. والمتحصل مما ذكرنا : طهارة الفأرة مطلقاً ، وطهارة مسكها كذلك. (١) كأنه لأجل أن يد المسلم أمارة على الطهارة ، للنصوص الآتية في
__________________
(١) وهي مكاتبة عبد الله بن جعفر الى أبي محمد ( ع ) المتقدمة في أول المسألة.