______________________________________________________
فيتوقف أولا على كونها متأصلة في الجعل ، بحيث يصح اعتبارها من مجرد جعلها ، وتترتب عليها آثارها عقلا من صحة اعتذار كل من المولى والعبد بها. لكنه غير ظاهر ، بل الظاهر أنها منتزعة من الحكم الظاهري الراجع إلى الأمر بالعمل بالواقع على تقدير المصادفة ـ نظير الأمر بالاحتياط في بعض موارد الشك ـ وإلى الترخيص على تقدير المخالفة ، فإن ذلك هو منشأ صحة الاعتذار والاحتجاج ، فالحجية نظير الوجوب والحرمة المنتزعين من مقام الإرادة والكراهة ، ولا يصح اعتبارهما من مجرد جعلهما مع قطع النظر عن الإرادة والكراهة. وعلى هذا لا مجال لجريان الاستصحاب فيها ، لعدم كونها أثراً شرعياً ولا موضوعاً لأثر شرعي.
ويتوقف ثانياً على أن يكون موضوع الحجية مجرد حدوث الرأي ، أما إذا كانت منوطة به حدوثاً وبقاء ، بحيث يكون موضوعها في الآن الثاني بقاء الرأي ، فلا مجال لاستصحابها ، لعدم بقاء موضوعها ، لانتفاء الرأي بالموت. وقد يستظهر ذلك من بناء الأصحاب ـ بل ظهور الإجماع ـ على ارتفاع الحجية بتبدل رأي المجتهد ، وبارتفاع الشرائط من العدالة والعقل والضبط وغيرها. ولأن حجية الرأي بالإضافة إلى العامي ليست بأعظم منها بالإضافة إليه نفسه ، ومن المعلوم أن حجية الرأي بالإضافة إلى نفسه على النحو الثاني ، فإن الحجية لرأي المجتهد بالإضافة إلى نفسه في كل زمان موضوعها الرأي في ذلك الزمان ، لا مجرد الحدوث.
فان قلت : سلمنا كونها كذلك بالإضافة إلى العامي ، لكن لا دليل على ارتفاع الرأي بالموت فيجري فيه استصحاب بقائه ، ويكون حجة.
[ قلت ] : لو سلمنا تقوم الرأي بالنفس عقلا لا بالبدن فليس كذلك عرفا ، فإنه يصدق عرفاً أن هذا الميت لا رأي له. مع أن الموت ملازم لارتفاع الرأي ـ غالباً ـ قبله آناً ما فلا مجال لاستصحابه.