موجبة ، وأن الشيء ما لم يجب بالعلة لا يوجد ، فإن هذا القانون لا نلتزم بإطلاقه وشموله ، حتى للأفعال الاختيارية ، وإلّا لانتهينا إلى مذهب الحكماء وهو المسلك الأول ، ونقول أن الفعل الصادر من الإنسان ، معلول للإرادة ، والإرادة معلولة لمبادئها حتميا ، وتلك أيضا معلولة لعللها ، وهكذا تتسلسل الحلقات ، تسلسلا ضروريا حتميا ، فلا يبقى معنى للاختيار. إذن فلا بدّ من رفع اليد عن إطلاق هذا القانون ، فلا يشمل الأفعال الاختيارية ، بمعنى أنه يوجد هناك شيء آخر بديل عن الوجوب بالغير وعن الوجوب بالعلة ، يصلح لأن يكون أساسا لوجود الحادثة ، فالحادثة يكون لها منشآن ، فتارة توجد بالوجوب بالعلة ، وأخرى توجد بوجوب منشأ آخر ، يكون بدلا عن الوجوب بالعلة أمّا ما هو هذا البديل الذي هو المنشأ في باب الأفعال الاختيارية ، فهذا ما يأتي توضيحه.
إذن فهذا المطلب الإجمالي صحيح على إجماليته في المقام ، وسوف يأتي توضيحه فيما بعد.
وأمّا المطلب التفصيلي ، فهو عبارة عن التفسير (١) الذي أفاده في توضيح المطلب الإجمالي ، وخلاصة ما ذكره في توضيح المطلب الإجمالي هو :
أنه يوجد في عالم الأفعال الاختيارية فعلين طوليين للنفس.
أحدهما فعل خارجي ، وهو الصلاة الذي هو محل الكلام ، والآخر فعل نفساني ، أسبق رتبة من الفعل الخارجي ، وتوضيحه :
أن الإنسان بعد أن يلتفت إلى الصلاة ، ويصدّق بفائدتها ، وتنقدح في نفسه الإرادة الجدية والشوق الشديد نحوها ، فبعد تمامية الإرادة ، لا يحصل ضرورة ووجوب تكويني للصلاة ، لأن قاعدة ، أن الشيء ما لم يجب لم يوجد ، غير جارية هنا ، فالصلاة حتى بعد تمامية الإرادة ، باقية على إمكانها ،
__________________
(١) أجود التقريرات ـ السيد الخوئي ـ ص ٨٩ ـ ٩٠ ـ ٩١.