ثم إن المحقق العراقي (١) بعد أن قرّب الإطلاق في المقام بما يقرب من البيان الثاني ، عقّبه بإشكالين :
الإشكال الأول ، دعوى التعارض بين إطلاق دليل الاضطرار القاضي بكون البدل الخالي من القيام بدلا لتمام مراتب المبدل الواجد للقيام ، وبين إطلاق دليل الواقع الظاهر بكون قيد القيام دخيلا في المصلحة بلحاظ بعض مراتبها ، فبعد فرض أن الصلاة الجلوسية وافية بتمام مراتب المصلحة وأن القيام ليس دخيلا فيها ، وبعد ظهور قيد القيام أنه دخيل ولو بلحاظ بعض مراتب المصلحة ، فيكون ذلك طرفا للمعارضة مع ظهور دليل الاضطرار في أن الصلاة العذرية وافية بتمام مراتب المبدل ، لأنها وجود تنزيلي له.
وهذا الإشكال ظهر حاله مما تقدم ، إذ بعد فرض كون لسان دليل الاضطرار لسان جعل الوجود البدلي التنزيلي للوظيفة الاختيارية ، فيقدم دليله على دليل الوظيفة الاختيارية ، ويكون دليل الاضطرار ناظرا وحاكما على دليل الواقع ، فلا تقع المعارضة بين الإطلاقين.
الإشكال الثاني : هو أنه حتى لو قيل بظهور دليل الاضطرار على دليل الواقع ، يقدم دليل الواقع على دليل الاضطرار ، وقد بيّن وجه هذا التقديم ببيانين.
البيان الأول : إن استفادة الإجزاء من دليل الاضطرار إنما هي بالإطلاق ومقدمات الحكمة ، بينما دخل القيام في بعض مراتب المصلحة إنما كان بالوضع وبالظهور الوضعي للقيد والمقيد في الهيئة التركيبية كما في «صل قائما» ، ومتى ما تعارض ظهور وضعي مع ظهور إطلاقي ، قدّم الظهور الوضعي على الظهور الإطلاقي (٢).
__________________
(١) بدائع الأفكار : الآملي ج ١ ص ٢٧٠ ـ ٢٧١.
(٢) مقالات الأصول : العراقي ج ١ ص ٩٠.