الطائفة الثانية :
هي ما دلّ على جواز الإعادة ، بلسان ، «ويجعلها الفريضة» ، وهذه الطائفة تشتمل على روايتين ، إحداهما صحيحة السند ، وهي رواية هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (ع) ، أنه قال ، «في الرجل يصلي الصلاة وحده ، ثم يجد جماعة» ، فقال (ع) يصلّي معهم ، ويجعلها الفريضة (١) إن شاء.
وقد يستدل بهذه الرواية ، بأنّ ظاهرها دال على جواز تبديل (٢) الامتثال ، لأنه (ع) لم يقتصر على الترخيص في إعادة الصلاة ، بل قال ، «ويجعلها الفريضة» ، ومعنى ذلك هو أن يسحب عنوان الفريضة عن الفرد الأول الذي أتى به أولا ، ويطبّقه على الفرد الثاني المعاد ، وليس معنى هذا إلّا تبديل الامتثال بالامتثال. وأجيب على هذا الاستدلال بعدة وجوه.
الوجه الأول : هو أن المقصود من قوله (ع) ، ويجعلها الفريضة ، أنّه لا بأس بأن يصلي مع الجماعة بقصد فريضة من الفرائض ، في قبال من يتوّهم أنّه يصلّي معهم تطوعا ، حيث المفروض ، أن هذا الشخص قد فرغ من فريضة الوقت ، وبعدها قامت الجماعة ، فقال (ع) ، يصلي معهم ، وقوله (ع) هذا ، لا يستبطن أنه ، أيّ صلاة يصلي معهم ، غاية ما يدل ، على أنه يجوز أن يصلي معهم ، إذ لعلّه يتبادر إلى الذهن ، أنه يمكن أن يصلي معهم تطوعا ، وإنّما أريد دفع هذا التوهم بقوله ، «ويجعلها الفريضة» ، بمعنى أن هذه الصلاة ليست تطوعا ، إذ لا جماعة في التطوع ، وإنّما الجماعة تشرع في الفريضة ، وبناء على هذا ، لا يكون في العبادة ظهور ، في جواز تبديل الامتثال بالامتثال.
ولكن هذا الاحتمال في غير محلّه ، وخلافا لظاهر الرواية لأمرين :
الأمر الأول : هو قوله (ع). «ويجعلها الفريضة» ولم يقل ويجعلها
__________________
(١) الوسائل : باب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث ١.
(٢) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٢٢.