الأمر لا يختص بباب الأفعال التي يصح تعلق الطلب بها ، بل يأتي في غير الأفعال أيضا من الأمور المستحيلة ومن أسماء الأجناس ، وعليه فلا يمكن تصحيح إرجاع غير الطلب إلى الطلب بالعناية التي ذكرها المحقق الأصفهاني «قده» ، فالنحو الأول لتصوير توحيد معنى لفظ الأمر لا يمكن المساعدة عليه.
وأما النحو الثاني
وهو إرجاع الطلب إلى غير الطلب ، وهو ما استقربه المحقق النائيني (١) ، فبعد أن ذكر أن لفظة الأمر لها معنيان ، أحدهما الطلب ، والآخر الحادثة المهمة أو الواقعة المهمة ، قال ، بأن الطلب أيضا يمكن أن يستعمل في كلمة الأمر ، باعتبار كونه مصداقا من مصاديق الواقعة والحادثة ، فالطلب واقعة أيضا ، فيقال زيد يطلب من عمرو ، فمثل هذا إنما يكون باعتبار مصداقيته لعنوان الواقعة أو عنوان الحادثة ، فيرجع الطلب إلى غير الطلب.
وما أفاده (قده) ساقط لأمرين :
الأمر الأول :
إن الطلب لو كان يطلق عليه الأمر ، وكان الأمر يستعمل في موارد الطلب بلحاظ أن الطلب مصداق للواقعة ، إذن لما كان هناك فرق بين الطلب التشريعي ، وهو الطلب من الغير ، من قبيل أن يطلب زيد من ابنه أن يصلي ، وبين الطلب التكويني ، من قبيل أن يطلب زيد المال أو العلم.
ومن الواضح أن كلمة الأمر في موارد الطلب إنما تستعمل في الطلب التشريعي فإذا طلب الوالد من ولده أن يصلّي ، فيقال أمره بالصلاة ، أما حينما يطلب الإنسان العلم لا يستعمل فيه الأمر بالعلم ، وهذا شاهد على أن إطلاق كلمة الأمر على الطلب ليس باعتباره واقعة من الوقائع ، إذ لو كان بهذا الاعتبار لانعدم الفرق بين الطلب التشريعي والطلب التكويني ، فإن الطلب التكويني
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ الخوئي ص ٨٦.