النظر عن الوجود الخارجي والوجود الذهني. ولم توضع الألفاظ للوجود الخارجي ، أو للوجود الذهني. فالوضع إنما يكون لمعنى قابل لأن يوجد في الذهن ، وما هو قابل لأن يوجد في الذهن ، إنما هو ذات المفهوم. وأما الوجود الذهني فهو لا يقبل أن يوجد مرة أخرى في الذهن ، كما أن الوجود الخارجي لا يعقل أن يوجد في الذهن ، فما يعقل أن يوجد في الذهن ، إنما هو ذات المعنى ، وذات المفهوم العاري بحد ذاته عن الوجود الذهني ، والوجود الخارجي ، فكيف يعقل القول بأن الحروف موضوعة للوجود الخارجي الرابط!.
الإشكال الثاني : هو إن الحروف تستعمل في موارد ، لا إشكال في عدم الوجود الرابط فيها. فمثلا حينما نقول : الوجود لله واجب ، فهنا وجود اللام مفاده معنى حرفي. فلو قلنا : بأن اللام التي هي حرف من الحروف تكون بإزاء الوجود الرابط ، للزم أن يكون هناك وجود رابط بين الله ووجوده ، في حين أن الله تعالى عين الوجود ، وصرف الوجود ، ولا يتعقل الوجود الرابط بين ذاته ووجوده. وكذلك الحال في الاعتباريات الصرفة ، فمثلا نقول الحيوانية جنس للإنسان ، فمفاد اللام هنا لا ينبغي أن يكون الوجود الرابط ، لأنّ جنسية الحيوان للإنسان ، إنما هو بلحاظ عالم الاعتبار ، لا بلحاظ عالم الخارج حتى يتصور وجود رابط خارجي بين الحيوانية والإنسانية ، إذن فلا يعقل القول بأن الحروف موضوعة للوجود الرابط.
الإشكال الثالث : إنّ الوجود الرابط لا برهان عليه من الأساس ، ولا مفروغية عن ثبوته في الخارج ، حتى في موارد الأعراض مع موضوعاتها ، كما هو الحال في البياض مع الجسم ، فمن قال بإنه عندنا ثلاث وجودات! وجود للجسم ، ووجود للبياض ، ووجود آخر رابط بين الوجودين؟ مثل هذا الوجود لا برهان عليه حتى في موارد الأعراض الحقيقية المقولية مع موضوعاتها الخارجية ، فضلا عن بقية الموارد.
والتحقيق أنّ هذه الإشكالات الثلاثة كلها ، مبنية على الاعتقاد بأن