وإن قلنا بأن المعاني قديمة والألفاظ أيضا قديمة ، فحينئذ لا وضع شرعي تعييني ولا تعيني ، لكن يكون هناك وضع لغوي فأيضا يكون المعنى الشرعي معنى حقيقيا للفظ ، لكن باعتبار وضع ثابت في البيئة العربية قبل الإسلام.
المحور الثالث ـ في تصوير ثمرة البحث :
وتظهر ثمرة هذا البحث فيما إذا ورد لفظ في الكتاب أو في السنة ، ولم يعرف المراد به ، هل هو المعنى اللغوي ، أو المعنى الشرعي؟.
فحينئذ إذا قلنا بالحقيقة الشرعية ، وبأن اللفظ موضوع على يد الشارع بالوضع التعييني ، أو بالوضع التعيّني ، وقلنا بأن هذا الوضع الشرعي أوجب نقل اللفظ من ذاك المعنى الأولي إلى هذا المعنى ، بحيث كان وضعا ناسخا للوضع الأول إما بتقريب ، أن ظاهر حال المخترع ، حينما يضع لفظا لمعنى ينتزعه من معناه الأول ، ويخصّصه لهذا المعنى الجديد ، وإما بتقريب أن كثرة الاستعمال في المعنى الشرعي بلغت درجة ، بحيث أصبح القرن الحاصل من كثرة الاستعمال أقوى من القرن الحاصل من الوضع اللغوي ، فإن تمّ هذا أو ذاك حينئذ يثبت الوضع الشرعي مع النقل ، وعليه : يتعيّن الحمل على المعنى الشرعي.
وأما إذا ثبت الوضع الشرعي والحقيقة الشرعية ، ولم نقل بالنقل ، بل قلنا : إنّ ظاهر حال المخترع أن يضع اللفظ للمعنى الذي اخترعه ، لا أن ينتزعه من معناه الأول رأسا ، وقلنا بأن كثرة الاستعمال لم تكن بنحو توجب قرنا آكد من القرن الأول ، فحينئذ نتيجة ذلك هي التوقف ، إذ يصبح للفظ معنيان حقيقيان : أحدهما المعنى اللغوي ، والآخر المعنى الشرعي. وإذا أنكرنا الحقيقة الشرعية رأسا فلا بد من الحمل على المعنى اللغوي ؛ ففي المقام مواقف ثلاث :