المحقق الأصفهاني (قده) يرى بأن الحرف موضوع للوجود الرابط الخارجي ، وهذا المطلب لا طريق إلى معرفته إلّا كتاباته (قده). وفي كتاباته لا يتحصل هذا المدّعى ، فإنّ الظاهر ممّا كتبه في توضيح مختاره في المعنى الحرفي أنه لا يقول بوضع الحروف للوجود الرابط الخارجي ، بل هو يقول بوضع الحروف لواقع النسبة ، ويمثل النسبة بالوجود الرابط فيقول (١) : النسبة الحرفية مع المعنى الاسمي كالوجود الرابط مع الوجود المحمولي. فالمعنى الحرفي يشبه الوجود الرابط ، والمعنى الاسمي يشبه الوجود المحمولي ، لا إنه يقول بأن الحرف موضوع للوجود الرابط الخارجي ، وإنما هو موضوع للنسبة القابلة للوجود ذهنا وخارجا. وهذه النسبة يقربها ويشبهها بالوجود الرابط الخارجي ، ومثل هذه النسبة محفوظة عنده سواء أكان هناك وجود رابط خارجي ، أو لم يكن وجود رابط خارجي ، ولهذا يصرّح بأنّ النسبة الحرفية محفوظة حتى في موارد (هل) البسيطة) ـ هل الإنسان موجود ـ فضلا عن (هل) المركبة ـ هل الإنسان قائم ـ ، في موارد (هل) البسيطة النسبة محفوظة أيضا بين الإنسان وأصل وجوده ، مع أنه من الواضح أن الأصفهاني ولا واحد من أولاء يدّعي الوجود الرابط بين ماهية الإنسان ووجود هذه الماهية ، لأن الماهية أمر تحليلي منتزع عن الوجود ، ولا يخطر على خيال المحقق الأصفهاني أن يكون هناك وجود رابط خارجي بين الماهية والوجود ، ومع هذا يقول : بأن النسبة الحرفية محفوظة في موارد (هل) البسيطة بين الإنسان ووجوده ، وهذا أكبر شاهد على أن مراده من المعنى الحرفي ليس الوجود الرابط الخارجي الذي لا يعقل تحققه بين الماهية ووجودها بل مراده هو تلك الماهية المستهلكة في الطرفين التي يكون تقررها الماهوي في طول الوجود ، وهذه الماهية المستهلكة قد تكون ذهنية ، ولها ما بإزاء في الخارج. فبإزائها وجود رابط في الخارج ، وقد تكون ذهنية وليس لها ما بإزاء في الخارج ، فليس هناك وجود رابط في الخارج فما به قوام الحرف ، وقوام المعنى الحرفي ، هو النسبة الاستهلاكية الثابتة في
__________________
(١) نهاية الدولة الأصفهاني : ج ١ / ص ٢٢ ـ ٢٣ ـ ٢٤ ـ ٢٥.