«الحيوان المفترس». فالحكم التصديقي فرع العلم بالمعنى الموضوع له ، وهذا بخلاف التبادر ، فالدور مستحكم ، وعلى هذا فالعلامة الثانية وهي صحة الحمل ساقطة.
العلامة الثالثة : الاطّراد :
ويمكن تقريب هذه العلامة بعدة وجوه :
الوجه الأول : إنّ المراد من الإطراد هو الإطراد في التبادر ، والانفهام ، وتوضيح ذلك :
ذكرنا إنّ موضوع العلامة الأولى هو التبادر الحاصل من حاق اللفظ الغير مستند إلى قرينة ، وحينئذ إذا حصل التبادر مرة يحتمل أن يكون ذلك مستندا إلى قرينة لم نلتفت إليها ، ولكن إذا حصل التبادر مرات عديدة ، فهذا الإطراد بالتبادر يوجب زوال احتمال القرينة بحسب حساب الاحتمال ، وحينئذ يكون الإطراد بالتبادر علامة على أنّ التبادر تبادر من حاق اللفظ ؛ وهذا يحقق صغرى وموضوع للعلامة الأولى ، ولا يكون الإطراد علامة برأسه.
الوجه الثاني : إنّ المراد من الإطراد هو الإطراد في الاستعمال ، وكأنه ظاهر كلام السيد الأستاذ (١). وحاصل هذا الوجه : إنّه لا بد للمستعمل إمّا أن يستعمل اللفظ في المعنى الموضوع له ، أو يستعمله في غير المعنى الموضوع له مع القرينة.
فإذا استعمل لفظ «أسد» في الحيوان المفترس مثلا ، ولم يدر إنّ هذا الاستعمال حقيقة ، أو مع القرينة ، فقد يحتمل وجود القرينة وهذا الاحتمال لا يمكن نفيه في الاستعمال الواحد ، لكن في مئات الاستعمالات يضعف جدا احتمال نصب القرينة ، فيحصل بالتدريج الوثوق والقطع بأن المستعمل
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ١ / ص ١٢٤.