الآلي واللحاظ الاستقلالي قيدان للعلاقة الوضعية نفسها.
وكأن صاحب (الكفاية) كان يتخيّل أن الجهة الأولى مفروغ عنها ، ولهذا لم يتعب نفسه في توضيحها ، والبرهنة عليها ، وكأنه لا نزاع فيها. ولهذا كان يفترض في كلامه الفراغ عن الجهة الأولى ، ويبحث مفصّلا في الجهة الثانية ، فيقيم البراهين الصورية على أن اللحاظ الآلي واللحاظ الاستقلالي لا يعقل أخذه قيدا في المعنى الموضوع له ، بل لا بد أن يكون قيدا في الوضع.
وبحسب الحقيقة ، فإن صاحب الكفاية صرف تمام همه في الجهة الثانية ، والجهة الأولى فهمت ضمنا من كلامه.
إذن ينحل كلامه في هذا المسلك إلى هاتين الجهتين ، فلا بد من التكلم أولا في الجهة الأولى ، وهي : دعوى أنّ معنى الإسم ومعنى الحرف واحد ، وليس بينهما فرق ذاتي مفهومي ، وإنما الفرق بينهما عرضي ينشأ بلحاظ عالم الاستعمال ، حيث أن المعنى الاسمي يتميز باللحاظ الاستقلالي ، والمعنى الحرفي يتميز باللحاظ الآلي.
وهذا الكلام سوف يتوضّح أكثر من خلال المناقشات والاعتراضات.
وقد اعترض على هذا الكلام من قبل المحققين المتأخرين عن صاحب (الكفاية) بعدة اعتراضات. (١)
الجهة الأولى ـ الاعتراض الأول :
وهذا الاعتراض للمحقق الأصفهاني (قدسسره) حيث ذكر في (حاشيته على الكفاية) ، إن معنى الحرف لا يعقل أن يكون له نحوان من اللحاظ في عالم الذهن ، بحيث تارة يلحظ بنحو اللحاظ الاستقلالي فيعبّر عنه بالاسم ، وأخري يلحظ بنحو اللحاظ الآلي فيعبّر عنه بالحرف ، مع أنه معنى واحد ،
__________________
(١) بدائع الأفكار : ١ / ٥٥ ـ ٥٦ ـ ٥٧ ـ. فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ / ١١ ـ ١٢ ـ ١٣ ـ نهاية الدراية ـ الأصفهاني ج ١ / ٢٣ ـ ٢٤ ـ ٢٥.