هذا أيضا غير معقول لما بينّاه من أن الملازمة لها عالمان :
إما ملازمة في عالم الوجود الخارجي من قبيل وجود النار والحرارة ، فالانتقال من أحدهما إلى الآخر انتقال تصديقي.
وإما ملازمة في عالم الوجود التصوري الذهني ، فالانتقال يكون تصوريا ما بين صورة اللفظ وصورة المعنى ، وحينئذ أيّ قيد يؤخذ في اللفظ ، إذا كان قيدا تصوريا يعقل أخذه في اللفظ من قبيل التنوين ، لأننا نتكلم بناء على مسلك الاعتبار. وأما أخذ الوجود الخارجي للإرادة فهذا ليس قيدا تصوريا ، بل قيد تصديقي ، ورجوع إلى الملازمة بين الوجودين في عالم الخارج ، وهو خلف.
إذن اتضح عدم معقولية تبعية الدلالة للإرادة. أمّا تقييد نفس الوضع فهو غير معقول ، لأنه ليس من المجعولات الاعتبارية.
وأمّا تقييد المعنى الموضوع له :
فإن قيّد بمفهوم الإرادة ، فاللفظ لا يتوقف على وجود هذا المفهوم خارجا.
وإن قيّد بواقع الإرادة فهو غير معقول كما بيّنا.
وإن أخذت الإرادة قيدا في اللفظ ، فهو أيضا غير معقول ، لأن اللفظ يعقل أن يقيّد بقيود تصورية لا بقيود تصديقية. إذن فالدلالة غير تابعة للإرادة ، لا بناء على مسلك التعهد ، ولا بناء على مسلك الاعتبار.
تحقيق الكلام في الحيثية الثالثة :
هل الإرادة مأخوذة في المعنى الموضوع له ، أو ليست مأخوذة؟.
هذا المطلب يفترض فيه ثلاث افتراضات :
الأول : أن يكون المأخوذ في المعنى الموضوع له ، مفهوم الإرادة بوجه