فعلى الأول يرد إشكال صاحب (الكفاية) لأن الوجود الذهني بما هو موجود ذهني لا ينطبق على الخارج.
وعلى الثاني حيث ذات الماهية مقيدة بقيام نسبة عرضية بين الإرادة وبينها ، فمثل هذه الماهية قابلة للانطباق على الخارج ، ولهذا قد أشير إلى الخارج وأقول هذا مرادي. فهذا الإشكال غير وارد على أخذ الإرادة قيدا ، لان التقييد لا ينحصر أمره بكونه بمعنى النسبة الذاتية القائمة بين الإرادة والمراد بالذات ، بل قد تؤخذ النسبة العرضية القائمة بين الإرادة وذات الماهية بما هي هي ، ومثل هذه النسبة العرضية لا توجب صيرورة المعنى أمرا ذهنيا ، فلا يستحيل انطباقه على الخارج ، فالإشكال الأول لا يمكن المساعدة عليه.
الوجه الثاني :
وحاصله : لو كنا نعبر عن الإرادة بقصد تفهيم المعنى مثلا ، عندئذ نقول : بأنّ قصد تفهيم المعنى لا يعقل أخذه قيدا في المعنى لأن قصد تفهيم المعنى في طول تفهيم المعنى ، لأن الإرادة في طول المراد ، فإذا كانت الإرادة في مرتبة متأخرة عن ذات المعنى المراد ، فكيف يعقل أخذها قيدا في ذات المعنى؟. فيلزم من ذلك التهافت وأخذ المتأخر في المتقدم ، فإنّ الإرادة يعني قصد تفهيم المعنى بما هو إرادة للمعنى فهو في طول المعنى ، وبما هو قيد للمعنى ، فهو في رتبة المعنى ، فيلزم التهافت باللحاظ.
وهذا الإشكال مبني على المغالطة ، وذلك باعتبار أن قصد تفهيم تمام المعنى هذا في طول تمام المعنى ، فلا يعقل أن يكون هذا القصد بشخصه جزءا من ذلك التمام ، إذ يلزم أن يكون ما هو في الطول هو في العرض.
ففي المقام إذا ادّعي أنّ قصد تفهيم جزء المعنى هو جزء آخر من المعنى ، فلا يلزم من ذلك أي إشكال ، بأن يقال : إنّ لفظة (الماء) لها معنى ، وهذا المعنى مركب من جزءين : أحد الجزءين هو السائل البارد بالطبع ، والجزء الآخر للمعنى هو قصد تفهيم هذا الجزء ، إذن فقصد تفهيم هذا الجزء