الأمر السابع
علامات الحقيقة والمجاز
ذكروا ثلاث علامات للحقيقة : التبادر ، وصحة الحمل ، والاطّراد.
العلامة الأولى : التبادر
قيل في تقريب كون التبادر علامة على الحقيقة : بأن انسباق معنى مخصوص عند سماع لفظ مخصوص ، لا بدّ وأن ينشأ من أحد سببين : أن يكون اللفظ موضوعا لذلك المعنى ، أو تكون هناك قرينة خاصة أو عامة تدل على ذلك المعنى.
أما إذا لم يكن وضع ولا قرينة ، فلا معنى للانسباق ، لأن دلالة الألفاظ على معانيها ليست دلالة ذاتية ، بل دلالتها بالجعل ، وهذا الجعل عبارة عن الوضع أو القرينة. فإذا حصل التبادر من حاق اللفظ في مورد علم فيه عدم القرينة ، يستكشف بالإن وجود الوضع من باب كشف العلة من وجود المعلول ، حيث لا موجب لهذا الانسباق والتبادر ، إلّا الوضع فيكشف عنه.
وقد اعترض على هذه العلامة بلزوم الدور ، لأنّ معنى كون التبادر علامة على الحقيقة ، أنّ العلم بالوضع بتوقف على التبادر ، لأن العلم بذي العلامة يتوقف على حصول العلامة ، فما لم تحصل العلامة لا علم بذيها. والتبادر متوقف على العلم بالوضع ، لأن من كان جاهلا بالألفاظ ومعانيها ، لا يتبادر إلى ذهنه المعنى الحقيقي من اللفظ ، فيكون هذا دورا.