هل يكفي في رفع محذور التقابل بين الدال والمدلول ، أو لا يكفي لذلك؟.
والصحيح إنه لا يكفي في المقام ، وذلك لأن المتضايفين على قسمين :
فهناك قسم من المتضايفين لا يوجد بينهما تعاند ذاتي في الوجود من قبيل العالم والمعلوم ، لأن الذات قد تكون عالمة بنفسها ، وإنما التعاند بينهما في عالم المفهوم فقط. وبهذا يكفي التغاير الحيثي في توجيه العالم والمعلوم مع وحدة الذات خارجا.
وهناك قسم آخر من المتضايفين يكون التعاند بينهما في مرحلة الوجود : من قبيل العلة والمعلول ، والسبب والمسبّب ، فإن الشيء الواحد خارجا ، لا يمكن أن يكون علة ومعلولا لنفسه ، وإن اختلفت الحيثية الاعتبارية ، وذلك لاستحالة إيجاد الشيء لنفسه. والدال والمدلول علة ومعلول ، لكن بحسب عالم الوجود الذهني ، لا عالم الوجود الخارجي ، فإنّ الدال علة في عالم الذهن للوجود الذهني للمدلول ، وبهذا تحصل الدلالة لأنّ معناها سببية أحد الأمرين للآخر في عالم الذهن والتصور ، فيكون التعاند بين الدال والمدلول تعاندا وجوديا ، لا مفهوميا فقط ، وفي مثل هذه الحالة يستحيل اجتماعهما. إذن فالتغاير الاعتباري الذي صوّره صاحب (الكفاية) لا يكفي لتصحيح هذا الاستعمال.
الوجه الثاني :
ومفاده ما ذكر في تقريرات المحقق العراقي (١) (قده) : من لزوم اجتماع اللحاظ الآلي ، واللحاظ الاستقلالي في شيء واحد ، فإنّ استعمال اللفظ في المعنى ، هو عبارة عن جعل اللفظ ملحوظا آلة ومقدّمة للمعنى. فاللفظ ملحوظ باللحاظ الآلي باعتباره مرآة وفانيا في المعنى. والمعنى ملحوظ باللحاظ الاستقلالي ، باعتباره هو ذو المرآة ، فإذا فرض أنّ اللفظ استعمل في
__________________
(١) بدائع الأفكار ـ الآملي : ج ١ / ص ٨٨ ـ ٨٩.