بفرض وجود القرينة ، فمع عدم وجود القرينة يحمل على المعنى الحقيقي.
ويرد على ذلك :
أ ـ إنّه ما هو المقصود من هذا الوضع ، ومن هذا التعهد؟. فإن كان المقصود هو انتقال ذهن السامع إلى مراد المتكلم في فرض وجود القرينة ، فهذا الوضع لغو ، لأن القرينة بنفسها تكفي لتعيين مراد المتكلم ، وإن كان الغرض هو انتقال ذهن السامع إلى مراد المتكلم في فرض عدم وجود القرينة. فهذا الوضع لا يكفي لذلك ، لأنه مشروط بالقرينة. فمع عدمها لا يوجد هذا الوضع ليكون موجبا للانتقال ، فهو لغو.
ب ـ إنّ من نتائج هذا الوضع المشروط بوجود القرينة ، صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي ، فلا يصح هذا الاستعمال إلّا مع وجود الشرط فصحته موقوفة على وجود شرط الوضع وهو القرينة ، مع أنه من الواضح أن استعمال اللفظ في المعنى المجازي في نفسه ، صحيح حتى بلا قرينة ، غاية الأمر أن بابه باب الإجمال فيما إذا كان المتكلم يريد أن يخفي مقصوده ، ولا يوضح مراده. فيمكن أن يستعمل اللفظ في المعنى المجازي بلا قرينة.
إذن فهذا يكشف عن أنّ صحة استعمال اللفظ في المعنى المجازي لها منشأ أوسع من هذا الوضع المشروط ، إذ لو كان منشؤها هذا الوضع المشروط ، لاختصّت الصحة بما إذا وجد الشرط وهو غير لازم كما هو واضح.
الوجه الثاني :
وحاصل هذا الوجه في تصوير العناية الإضافية ، هو أن يقال بوضع مطلق نوعي ، بحيث يلتزم بأن لفظ (الأسد) موضوع لكلا المعنيين للحيوان المفترس ، وللرجل الشجاع بوضعين مطلقين بدون تقييد بالقرينة ، غاية الأمر أن اللفظ موضوع للحيوان المفترس ، بما هو حيوان مفترس ، بعنوانه الأصلي ، وموضوع للرجل الشجاع ، لا بما هو رجل شجاع ، بل بما هو مناسب للحيوان