لا ينثلم وحدته وتشخصه بتعدد الموجود وتبدله من نوع الى نوع آخر ، فينتزع من وجود واحد شخصى ماهيات مختلفة حسب اختلافه نقصا وكمالا وضعفا وشدة ، فصح استصحاب هذا الوجود عند الشك في بقائه وارتفاعه ولو مع القطع بتبدل ما انتزع عنه سابقا من الماهية الى غير ما ينتزع عنه الآن لو كان هذا «انتهى كلامه دام بقاه» (١).
اقول : ظاهر كلام الشيخ وان كان يوهم ما يرد عليه الاعتراض ، إلّا انه يمكن توجيه كلامه على نحو يسلم من المناقشة ، وتوضيح ذلك : يحتاج الى بيان مقدمة ، وهي ان القضايا الصادرة من المتكلم سواء كانت من سنخ انشاء الاحكام ام من قبيل الاخبار مشتملة على نسب ربطية متقومة بالموضوعات الخاصة ، مثلا قولنا اكرم زيدا مشتمل على ارادة ايقاعية مرتبطة باكرام زيد ، وكذا قولنا زيد قائم مشتمل على نسبة تصديقية حاكية متقومة بهذا المحمول الخاص والموضوع كذلك ، وحال هذه النسب في الذهن حال الاعراض في الخارج في الاحتياج الى الغير في التحقق ، وكذا في عدم امكان انتقالها من محل الى آخر وهذا واضح.
اذا عرفت ما بينا لك فنقول : لو فرضنا ان المتيقن في السابق هو وجوب الصلاة فالجاعل للحكم في الزمان الثاني إمّا ان يجعل الوجوب للصلاة وهو المطلوب هنا ، من لزوم اتحاد الموضوع ، وإمّا ان ينشئ هذه الارادة الحتمية الربطية من دون موضوع ، وهو محال ، ضرورة تقومها في النفس بموضوع خاص ، وإمّا ان ينشئ لغير الصلاة ، وحينئذ اما ان ينشئ تلك الارادة المتقومة بموضوع الصلاة لغيرها ، واما أن ينشئ ارادة مستقلة ، والاول محال ايضا ، لاستحالة انتقال العرض ، وقد عرفت ان حالها في النفس حال الاعراض في الخارج ، والثاني ممكن ، لكنه ليس بابقاء ، لما سبق.
__________________
(١) تعليقة المحقق الخراساني «قدسسره» في محل الكلام ، ص ٢ ـ ٢٢١.