وفي المقام نزاع آخر وهو ان الغاية هل هي داخلة في المغيّى او خارجه عنها؟ والتحقيق في هذا المقام ان الغاية التي جعلت محلا للكلام في هذا النزاع لو كان المراد منها هو الغاية عقلا اعنى انتهاء الشيء فهذا مبنى على بطلان الجزء الغير القابل للتقسيم وصحته ، فان قلنا بالثاني فالغاية داخلة في المغيى يقينا فان انتهاء الشيء على هذا عبارة عن جزئه الاخير ، فكما ان باقي الاجزاء داخلة في الشيء كذلك الجزء الاخير ، وان قلنا بالاول فالغاية غير داخلة لانها حينئذ عبارة عن النقطة الموهومة التى لا وجود لها في الخارج ، وان كان محل النزاع هو مدخول حتى والى ، وان لم يكن غاية حقيقة ، فانه قد يكون شيئا له اجزاء متصلة ، كالكوفة في قولنا سر من البصرة الى الكوفة ، والليل في قولنا صم من الفجر الى الليل ، فالحق التفصيل بين كون الغاية قيدا للفعل كالمثال الاول ، وبين كونها غاية للحكم كالمثال الثاني ، ففي الاول داخلة في المغيّى ، فان الظاهر من المثال المذكور دخول جزء من السير المتخصص بالكوفة في المطلوب ، كما ان الظاهر منه دخول السير المتخصص بالبصرة ايضا في المطلوب ، وفي الثاني خارجة عنه فان المفروض انها موجبة لرفع الحكم فلا يمكن بعثه الى الفعل المتخصص بها كما لا يخفى.
[مفهوم الاستثناء]
ومن جملة ما يستفاد منه الحصر الجملة الملحوقة باداة الاستثناء ، ولا شبهة في انها تدل على اختصاص الحكم بالمستثنى منه وثبوت نقيضه للمستثنى ، ولذا
__________________
ـ عن ان المغيّى ليس سنخ الحكم من اى علة تحقق بل السنخ المعلول لعلّة خاصة ، سواء كانت مذكورة كما في ان جاء زيد فاجلس من الصبح الى الزوال ، ام كانت غير مذكورة ، فانه مع عدم الذكر أيضا تكون لا محالة هنا علّة يكون الحكم المذكور مسبّبا عنها (منه).