والثاني أن مقتضى ما ذكر من الجامع ان الصحيحى لا بد ان يلتزم بالاشتغال في موارد الشك في الجزئية او الشرطية ، وان بنى في الاقل والاكثر على البراءة عقلا لانه مكلف باتيان ذلك المعنى الواحد فمتى شك في جزئية شيء او شرطيته يرجع شكه الى ان ذلك المعنى الواحد هل يتحقق بدون الاتيان بالمشكوك ام لا ، مع ان القائلين بالصحيح قائلون بالبراءة فيهما.
وقد تصدى لدفع هذا الاشكال شيخنا الاستاذ «دام بقاه» في الكفاية بان الجامع انما هو مفهوم واحد منتزع من هذه المركبات المختلفة زيادة ونقيصة بحسب اختلاف الحالات ، يتحد معها نحو اتحاد ، وفي مثله يجرى البراءة ، وانما لا يجرى فيما اذا كان المامور به أمرا واحدا خارجيا مسببا عن مركب مردد بين الاقل والاكثر ، كالطهارة المسببة عن الغسل والوضوء فيما اذا شك في اجزائهما «انتهى كلامه» (١).
اقول : لا اشكال في انه اذا كان الشيء مجمعا ومصداقا لعناوين عديدة فكلّ عنوان منها وقع في حيز التكليف كان المكلّف مأخوذا بذلك العنوان ، والعناوين الأخر وان كانت متحققة مع العنوان الواقع في حيز التكليف ولكن ليس لوجودها ولا لعدمها دخل في براءة ذمة المكلف واشتغاله ، وهذا واضح جدا ، فحينئذ ان قلنا بان الواقع في حيز التكليف هو هذا المركب من التكبيرة والحمد وكذا وكذا يصح للقائل بالبراءة ان يقول : ان ما علم انه متعلق للتكليف من هذه الاجزاء يؤتى به وما يشك فيه يدفع بالبراءة ، وأمّا ان قلنا بان ما وقع في حيز التكليف ليس هذا المركب بهذا العنوان ، بل هو عنوان بسيط ينطبق على قسم من هذا المركب في بعض
__________________
للاعمى مع قيد كون هذا الواحد الاعتباري بحد مفيد لذلك المعنى البسيط بحيث يكون الحد خارجا عن الموضوع له رافع لهذا الاشكال ، وان كان الاشكال الثاني اعنى لزوم القول بالاشتغال في العبادات باقيا بحاله فينحصر القول بالبراءة فيها في اختيار القول بالاعم كما هو الصحيح «منه» دام ظلّه.
(١) الكفاية ، الامر العاشر «مبحث الصحيح والاعم» ، ج ١ ، ص ٣٧.