نفسها لا تناسب كلماتهم كما لا يخفى.
اذا عرفت هذا فنقول : لا يتعقل اخذ القدر الجامع بين ذوات تلك الحقائق المختلفة المتصفة بالصحة مع قطع النظر عن اعتبار امر خارج عنها ، لان معنى اخذ القدر الجامع الغاء الخصوصيات واخذ ما هو مشترك سار في جميع الافراد ، والمفروض ان لتلك الخصوصيات دخلا في الصحة ، مثلا : الصلاة التي ياتي بها القادر قائما يتقوم صحتها بالقيام ، فلو اعتبر القيام مثلا في الموضوع له فلا يصدق على الصلاة التي ياتي بها المريض جالسا ، وان لم يعتبر فيلزم صدقها على الصلاة التي ياتى بها القادر جالسا ، وكلاهما خلاف مذهب الصحيحي.
والذي يمكن ان يقال في تصوير الجامع بين الافراد الصحيحة ان كل واحد من تلك الحقائق المختلفة اذا اضيفت الى فاعل خاص يتحقق لها جامع بسيط يتحد مع هذه المركبات اتحاد الكلى مع افراده ، مثلا ، قيام الشخص القادر لتعظيم الوارد وايماء الشخص المريض له يشتركان في معنى واحد ، وهو اظهار عظمة الوارد بقدر الامكان ، وهذا المعنى يتحد مع قيام القادر ، كما انه يتحد مع ايماء المريض ، وعلى هذا فالصلاة بحسب المفهوم ليست هي التكبيرة والقراءة والركوع والسجود وكذا وكذا ، بل هي بحسب المفهوم هو المعنى الواحد البسيط الذي يتحد مع تمام المذكورات تارة ، ومع بعضها اخرى ، ومع ما قيد بكيفية خاصة تارة ، وبنقيضها اخرى.
وهذا المعنى وإن كان امرا متعقلا بل لا محيص عن الالتزام به بعد ما يعلم ان لتلك الحقائق المختلفة فائدة واحدة وهي النهي عن الفحشاء والمنكر ولا يكاد ان تؤثر الحقائق المتباينة في الشىء الواحد من دون رجوعها الى جهة واحدة ولكن كون هذا المعنى مفاد لفظ الصلاة محل اشكال من وجهين :
احدهما ان الظاهر مما ارتكز في اذهان المتشرعة هو ان الصلاة عبارة عن نفس تلك الاجزاء المعهودة (١) التى اولها التكبير وآخرها التسليم.
__________________
(١) لا يخفى ان اعتبار الوحدة بين اجزاء الصلاة على وجه ياتى في تصوير الجامع