الكراهة لعدم منعها من النقيض لا تمنع الوجوب المانع عنه ، فاذا اجتمعت جهة الوجوب مع الكراهة فلا بد من صيروره الوجوب فعليا والكراهة شأنية ، فيكون الفرد المشتمل على الخصوصية الموجبة للكراهة مجزيا عن الواجب ، ولكنه اقل ثوابا من باقى الافراد ، وقد مر تفصيل ذلك في البحث السابق.
الرابع : محل النزاع انما هو في غير النواهى المستفاد منها الوضع ابتداء كالنهى المتعلق بالصلاة في اجزاء ما لا يؤكل لحمه وامثال ذلك ، لان تلك النواهى تنبئ عن عدم المصلحة في العمل الخاص فلا يتطرق اليه احتمال الصحة بعد ذلك ، وليس الفساد مرتبا على النهى بل النهى جاء من قبل الفساد.
الخامس : لو شك في اقتضاء النهى للبطلان فلا اشكال في عدم وجود اصل في هذا العنوان يعين احد طرفى الترديد ، فيجب الرجوع الى القواعد الجارية في نفس المسألة الفرعية ، فنقول : لو تعلق نهى بالصلاة في محل خاص مثلا وشككنا في ايجابه لبطلان العمل فلو أتى المكلف بتلك الصلاة المنهى عنها فهل الاصل يقتضى البطلان او الصحة؟ يمكن ابتناء ذلك على كون النزاع في المسألة لفظيا او عقليا ، فعلى الاول يرجع الشك في المسألة الى الشك في التقييد (١) فان القائل بان الخطاب المشتمل على النهى يدل على فساد العمل
__________________
ـ والتنزيهى ، وهذا بخلاف الحال في هذا المقام المفروض فيه تعلق النهى بعنوان العبادة كما في صل ولا تصل في الحمام ، ومن المعلوم عدم الفرق بين كون النهى تحريميا او تنزيهيا في عدم تصوير اجتماعه مع الامر للزوم اجتماع ضدين في شيء واحد من جهة واحدة وهو الطبيعة المهملة ، فلا بد في كليهما من تقييد مورد الامر بغير مورد النهي ، نعم يبقى ملاك الامر في كليهما صالحا لاسقاط الامر في التوصليات ، واما في باب العبادة المطلوب فيها رجحان الفعل فلا يكفى مجرد الملاك مع مرجوحية الفعل ولو لم تصل بحد المنع من النقيض ، هذا كله لو فرض تعلق النهى بالخاص ، ولو فرض تعلقه بالخصوصية فلا فرق ايضا بينهما في امكان حصول القرب بالطبيعة المتخصصة كما يأتى الاشارة اليه في الحاشية الآتية «منه».
(١) كونه راجعا الى الشك في التقييد حتى يجرى فيه البراءة على القول بها في الاقل ـ